الإسلام والحريّة والعلمانيّة... جمال البنّا
الانطباع الذى تصدر عنه
معظم الكتابات التقليدية عن الحرية والإسلام أن الإسلام لما كان بالدرجة الأولى
ديناً، فمن الطبيعى أن يختلف فى أهدافه ووسائله عما تتجه إليه وتنهجه الحرية
والعلمانية، وشواهد الحال تدعم هذا الانطباع، فمعظم المفكرين الإسلاميين يضيقون
بالحرية والعلمانية، وأكثرهم تحرراً يقف عند «الثوابت»، فى حين أنه لا معنى لحرية
الفكر إذا حرمنا عليها مناقشة الثوابت، إذ إن أهم ما يفترض أن تتجه إليه الحرية هو
هذه الثوابت بالذات، التى إن كانت تقوم بالحفاظ والاستقرار للمجتمع، وتمسكه من
الانزلاق أو التحلل، إلا أن عدم مناقشتها يجعلها تتجمد، بل تتوثن وتأخذ قداسة
الوثن المعبود، هذا كله بفرض أن الثوابت هى دائماً صالحة ولازمة، ولكنها لا تكون
كذلك دائماً، وقد جلى القرآن صيحة عجب المشركين من الرسول الذى يريد أن يجعل
الآلهة إلهاً واحداً: «إن هذا لشىء عجاب»، فضلاً عن أن الثوابت تعبير مطاط فيمكن
أن تنتقل من الله إلى الرسول ومن الرسول إلى الصحابة، ومن الصحابة إلى السلف
الصالح، كما هو الحال فى فكر الكثيرين، وتجربة البشرية أنه ما إن يسمح المشرع
باستثناء فى الحريات، ولو كثقب إبرة، حتى يصبح ثغرة تتسع للجمل وما حمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.