27 أكتوبر 2011

المفكرون الأحرار فى الاسلام... دومينيك أورفوا


العنوان : المفكّرون الأحرار في الإسلام
المؤلّف : دومينيك أورفوا
المترجم : جمال شحيّد
المراجعة : مروان الدّاية
النّاشر : رابطة العقلانيّين العرب دار السّاقي
سنة النّشر : 2008

الفكر الحرّ هو ظاهرة ذاتيّة وأصيلة في الحضارة العربيّة الإسلاميّة، وإن يكن انحصر في قلّة من المفكّرين النقديّين ممن طالت يد القمع كتاباتهم، وحتّى حياتهم، وألصقت بهم تهم الزندقة والخروج عن الصراط المستقيم.
روّاد الفكر الحرّ هؤلاء يتصدّر صفوفهم مشاهير من أمثال ابن المقفّع والرازي والمعرّي، ولكن كذلك مغمورون أو مهمّشون من أمثال ابن الريوندي والورّاق، أو أخيراً ملّيون ينتمون إلى الحضارة نفسها وإن كانوا لا ينتمون إلى الديانة نفسها من أمثال حنين بن إسحاق وحيويه البلخي وابن كمّونة.
يؤكّد هذا الكتاب البعد الانفتاحي، وحتّى النقدي، للحضارة العربيّة الإسلاميّة في المجال الديني قبل أن تنغلق على نفسها مع سيطرة الفكر الفقهي والأصولي الذي قادها إلى ليل "الانحطاط" الطويل.

دومينيك أورفوا: مستعرب فرنسي معاصر. باحث ومتخصّص في الإسلام وأستاذ الدراسات الإسلاميّة في جامعة تولوز.



26 أكتوبر 2011

التأثيرالإسلامي في التفاسير اليهوديّة الوسيطة... موشيه مردخاي تسوكر


تمثّل هذه الدراسة ترجمة لمقدمّة موشيه مردخاي تسوكر لكتاب "تفاسير الرابي سعديا جاؤون لسفر التكوين" الذي نشر فيه بعض تفاسير سعديا الفيومي لسفر التكوين المدوّنة بالعربيّة اليهوديّة، وتوضيح التأثير الإسلامي عليه، خاصّة في منهج التفسير.



25 أكتوبر 2011

بيزنطة في حرب (600 - 1453م)... جون هالدون

في إصدار خاص عن دار ناشري للنشر الإلكتروني، صدر كتاب جديد مترجم من اللغة الإنجليزية بعنوان: "بيزنطة في حرب" وهو دراسة تاريخية من إعداد وتأليف الأستاذ الدكتور جون هالدون، أستاذ الدراسات البيزنطية والهللينية، جامعة برنستون (أمريكا)، وترجمة الدكتور فتحي عبد العزيز محمد، أستاذ مساعد تاريخ العصور الوسطى، جامعة الباحة (السعودية). يتناول الكتاب في (90 صفحة) الحروب التي خاضتها بيزنطة خلال الفترة 600 - 1453م، فقد حظي الجيش البيزنطي باهتمام خاص من جانب الإمبراطورية البيزنطية، لما له من أهمية في الحفاظ علي تلك الإمبراطورية في مواجهة أعداء يحيطون بها من كل جانب، بالإضافة إلي ما تعرضت له من غزوات سببتها هجرات الشعوب البربرية من مواطنها الأصلية. 
وكثيراً ما قام الأباطرة بمحاولات جادة لإصلاح الجيش، والنهوض به ليصبح قادراً في مواجهة التحديات التي فرضت عليه. وإذا كنا نتفق مع الرأي القائل بأن التاريخ البيزنطي يبدأ مع ظهور مدينة القسطنطينية التي أسسها قنسطنطين الأول، فإنه من الضروري أن يكون تتبع نشأة الجيش البيزنطي وتكوينه مقارباً لذلك التاريخ. والمدخل السليم يبدأ من حيث إصلاحات دقلديانوس العسكرية والتي لا يمكن أن نباعد بينها وبين إصلاحات قنسطنطين في المجال نفسه. ومعرفة المراحل التي مر بها الجيش من قوة أو ضعف، وبالتالي الإصلاحات التي أدخلت علي ذلك الجيش وما لحق به من تطور هجومي أو دفاعي، حتى يمكنه أداء دوره في الحفاظ علي تلك الإمبراطورية علي مدي ما يزيد عن إحدى عشر قرنا من الزمان، وعلي مدي جغرافي اتسعت مساحته أو تقلصت علي مر الأيام. بيد أن مؤلف الكتاب الذي بين أيدينا عمد إلي حصر الأمر علي الفترة التاريخية التي تبدأ من القرن السابع الميلادي وتنتهي مع نهاية الإمبراطورية البيزنطية بدخول السلطان العثماني مدينة القسطنطينية عام 1453 التي كانت عاصية علي الفتح الإسلامي أمداً طويلاً. ولعل البدء من القرن السابع ـ وهو ما قام به المؤلف ـ يعكس صورة للإمبراطورية الرومانية الشرقية وقد صبغت بصبغة بيزنطية.

فهرس الكتاب:
  • خلفية الحرب: عالم بيزنطة السياسي
  • جبهات متحاربة: جيران وأعداء 

  • اندلاع: لماذا وكيف خاضت بيزنطة الحرب 
  • التشكيل القتالي للحرب 
  • صورة محارب: التجنيد والانضباط والحياة في معسكرات الجيش
  • العالم والحرب: الحرب والسلام 
  • صورة المواطن الفلاح متريوس 
  • كيف انتهت الحروب موت إمبراطورية 
  • الخلاصة والنتائج: الحرب والسلام والصمود

23 أكتوبر 2011

مجلّة علوم اللغة... إشراف: محمود فهمي حجازى


الكتاب : من مجلة علوم اللغة (أربعة مجلدات)، كتاب دوري يصدر أربع مرّات فى العام .
المؤلّف : مجموعة من الباحثين، يرأس تحريرها: د . محمود فهمي حجازى .
نشرة : دار غريب للنّشر والتوزيع، القاهرة ، 2004-2008 .
الحجم : 4 مجلدات - 158 mb
التحميل   archive
والبقيّة هنا   archive
لا تعدّل أسماء الملفّات، ضع جميع الملفّات بعد التحميل في مجلّد واحد .

22 أكتوبر 2011

قصّة بوذا... عبد العزيز محمّد الزكيّ


  • بحث علمي يعرض حياة بوذا مستقاة من المصادر الأولى.
  • قصّة أمير ملّ حياة القصور وسئم الترف والراحة واللّهو فهجر القصر واعتزل الحياة بحثا عن السعادة الحقّة.
  • حياة زاهد ضحّى بالثروة والجاه والسلطان في سبيل الخلاص من الآلام والنجاة من المرض والشيخوخة والموت.
  • سيرة حكيم وضع دينا خلقيّا بدون إله أو شعائر ومعابد.
  • كتاب عن ناسك سلك طريقا صوفيّا ليس فيه مكان لتعذيب الجسد.
  • مؤلّف عن صاحب عقيدة تنكّر له مواطنوه فقدّسه أكثر من نصف بليون نسمة في سيلان وبورما وكمبوديا والصين والتيبت وكوريا واليابان.

يمكنكم تحميله من هنا:


أو
 هنا :



الأعداد الستّة الأولى من مجلّة المناظرة - مجلّة فصليّة تُعنى بالمفاهيم والمناهج الفلسفيّة

مجلّة المناظرة وهي مجلّة فصليّة فلسفيّة، صدر العدد الأوّل منها في جوان 1989، وترأّس تحريرها الدكتور طه عبد الرحمن.



يمكنكم تحميل الأعداد من الأول وحتى السادس من هنا

20 أكتوبر 2011

تجريد المنطق... نصير الدين الطوسي

الشيخ نصير الدين الطوسي ( 597 ـ 672 ه)


ولادته ونشأته :ولد محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بـ (نصير الدين الطوسي) سنة ( 597 هـ ) في بلاد فارس ، وتربى في حجر والده الذي كان من الفقهاء والمحدثين المعروفين .
دراسته وأساتذته :درس منذ صغره علوم اللغة من نحو وصرف وآداب بعد أن أكمل دراسة القرآن الكريم .وبتوجيه من والده درس الرياضيات عند أستاذها محمد كمال الدين المعروف بـ (الحاسب). وبعد ذلك درس الحديث والأخبار ، ثم درس الفقه والحديث عند أبيه وتوسع فيهما .كما أنه أتقن خلال هذه الفترة علوم الرياضيات ( الحساب – الهندسة – الجبر ) وهو لا يزال في مطلع شبابه .ثم عمل بوصية والده في مواصلة طلب العلم ، فهاجر إلى مدينة نيسابور التي كانت آنذاك مركزاً من المراكز العلمية .ثم درس في نيسابور في حلقات علمائها ، مثل : سراج الدين القمري ، وقطب الدين السرخسي ، وفريد الدين الداماد ، وأبو السعادات الإصفهاني .
مكانته العلمية :يمكننا الوقوف على مكانته من خلال ما قاله العلماء في ذلك ، ونذكر منهم :
قال العلامة الحلي : كان نصير الدين الطوسي أفضل أهل زمانه في العلوم العقلية والنقلية ، وهو أستاذ البشر .
قال الصفدي : نصير الدين الطوسي من الرجال الذين لم يصل أحد إلى رتبتهم في المجسطي (الفلك والرياضيات).
قال صاحب كتاب كشف الظنون : كان رأساً في علم الأوائل ، لا سيما في الأرصاد والمجسطي .
قال صاحب كتاب مختصر الدول : كان حكيماً عظيم الشأن في جميع فنون الحكمة .
قال المستشرق الألماني كارل بروكلمان : نصير الدين الطوسي هو أشهر علماء القرن السابع الهجري ، وأشهر مؤلفيه إطلاقاً .
إسلام ( هولاكو ) على يده :بعد الغزو المغولي الثاني لإيران بقيادة هولاكو ، تمَّ القضاء على دولة الإسماعيليين التي كان يعيش نصير الدين الطوسي في ظلها .فوقع الطوسي في قبضة هولاكو ، فلم يقتله لأنه كان عارفاً بمكانته العلمية والفكرية ، فاستغلَّ نصير الدين الموقف ، وأخذ يعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من التراث الإسلامي المهدد بالزوال .فاستطاع نصير الدين الطوسي بحِنكته أن ينفذ خطته بحزمٍ وتضحية وإصرار بحيث أن دولة المغول الوثنية الهمجية التي أقبلت بجيوشها الجرارة للقضاء على الاسلام وحضارته ، انتهى أمرها بعد فترة من الزمن ان تعتنق الاسلام على يد ابن هولاكو وهو ( تكودار ) يعلن إسلامه وإسلام دولته المغولية معه ، وسمَّى اسمه بـ (أحمد تكودار).
مؤلفاته :ألَّفَ نصير الدين الطوسي ما يقارب ( 184 ) كتاباً ، في مختلف العلوم، نذكر نموذجاً منها :
تحرير إقليدس (في علم الرياضيات )، ديباجة الأخلاق الناصرية (في علم الأخلاق)، تفسير سورة الإخلاص والمعوذتين (في علم التفسير)، واقعة بغداد (في علم التاريخ) ، جواهر الفوائد (في علم الفقه) ،الصبح الكاذب (في علم الجغرافيا) ، تعليقة على قانون ابن سينا (في علم الطِّب) ، آداب المتعلمين (في علم التربية) ، أساس الاقتباس (في علم المنطق) ، شرح الإشارات (في علم الفلسفة والحكمة) ، تجريد الاعتقاد (في علم الكلام) .
وفاته :توفي الشيخ نصير الدين الطوسي ببغداد ، وذلك في سنة ( 672 هـ ) ، ودفن إلى جوار مرقد الإمام الكاظم حسب وصيته.


علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب - جزءان


علم التعمية أو علم التشفير هو علم ممارسة إخفاء البيانات؛ أي بوسائل تحويل البيانات (مثل الكتابة) من شكلها الطبيعي المفهوم لأي شخص إلى شكل غير مفهوم بحيث يتعذّر على من لا يملك معرفة سرية محددة معرفة فحواها. يحظى هذا العلم اليوم بمكانة مرموقة بين العلوم، إذ تنوعت تطبيقاته العملية لتشمل مجالات متعددة نذكر منها: المجالات الدبلوماسية والعسكرية، والأمنية، والتجارية، والاقتصادية، والإعلامية، والمصرفية والمعلوماتية. في شكلها المعاصر فإن التعمية علم من أفرع الرياضيات وعلوم الحوسبة.

وقد صدر عن مجمع اللغة العربيّة بدمشق موسوعة علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب، الجزء الأوّل 1987 والجزء الثاني 1997 والثالث قيد الإنجاز. وتتضمّن هذه الأجزاء دراسة وتحقيقاً للمخطوطات التي خلّفها العرب والمسلمون في هذين العلمين اللذين تزداد أهميّتهما في عصر المعلومات الذي يقوم على أمن المعلومات وتشفيرها في جميع المجالات العلميّة والأمنيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والبنوك والتجارة الالكترونيّة والحواسيب والأنترنت وغيرها. لقد أثبتت المخطوطات التي نشرت في الموسوعة المشار إليها أنّ العرب آباء العالم في هذين العلمين ولادة وتطوّراً ونشأة، وهذا بشهادة الغربيّين من مثل دافيد كهن شيخ مؤرّخي التعمية في العالم اليوم، له موسوعتان استغرقتا التعمية في جميع حضارات العالم ممارسة وكتابة. وقد رشّحت الموسوعة العربية في التعمية عدّةُ مؤسّسات علميّة إلى جوائز عالميّة، وقدّمت عنها محاضرات ودراسات في كثير من المؤتمرات والندوات العلميّة في تاريخ العلوم والمصطلحات وغيرها.

تحميل الجزء الأوّل
تحميل الجزء الثاني

اعترافات القدّيس أوغسطينوس


الإسلام والحداثة... عبد المجيد الشرفي

هل يستعصي الإسلام على الحداثة؟ سؤال الأسئلة مطروحاً على المجتمعات العربية والإسلامية، في ضوء انبعاث الإسلام السياسي بحركاته الأصولية والمتطرفة والإرهابية، وبنمط الثقافة التي يسعى هذا الإسلام إلى تكريسها، خصوصاً منها قضية العداء لمنتجات الحداثة في التقدم والديمقراطية وحقوق الإنسان ومساواة المرأة بالرجل. تتفاوت السجالات حول هذا الموضوع بين من ينفي تناقض الإسلام مع الحداثة، وبين من يتخذ منها موقفاً معادياً في وصفها أداة الغرب والإستعمار للهيمنة على الإسلام وإلغاء هوية مجتمعاته. فيما تنحو القراءات الموضوعية للإسلام منحىً تفكيكياً وتاريخياً بما يظهر المجالات التي لا يتعارض فيها الإسلام مع الحداثة ، والقضايا التي لا يجب تنسيبها إلى الإسلام وتتصل بقراءة غير تاريخية للفقه والنص الديني. في كتابه "الإسلام والحداثة" الصادر عن "دار الجنوب للنشر – تونس" يقدم عبد المجيد الشرفي مقاربة موضوعية لعلاقة الإسلام بالحداثة مفنداً الكثير من الآراء المغلوطة التي شابت هذا الموضوع. نشر الكتاب في سلسلة "معالم الحداثة" التي يشرف عليها الدكتور الشرفي نفسه.
يحدّد الشرفي مستويات ثلاثة للإسلام، يتصل المستوى الأوّل بكون الإسلام مجموعة من القيم التي نصّ عليها القرآن، وهي مجمل القيم الدينية والأخلاقية والوجودية، والمتعارف عليها بأنها تتجاوز الزمان والمكان وتمثّل جوهر الإسلام. يتناول المستوى الثاني الممارسة التاريخية لهذا الإسلام وما نتج عنه من قيام مؤسّسات في أعقاب التطور والتوسع الذي عرفه، وضرورة وجود تشريعات تتناسب مع الأوضاع السياسية والاجتماعية المستجدّة. يدخل في هذا المجال تحوّل الإسلام إلى مؤسسة لعب فيها رجال الدين دور السلطة الديينة والزمنية، وقدموا أنفسهم ناطقين باسم الله على غرار ما عرفته الكنيسة في تاريخها القديم والوسيط. أمّا المستوى الثالث فيتناول البعد الفردي في الإيمان، بما هو عملية استبطان للقيم والمباديء وأثرها على الشخصية الإنسانية.
عندما يدور الحديث عن علاقة الإسلام بالحداثة، من الطبيعي أن تنطلق من المقارنة بين العوامل التي أسهمت في تكوّن الحداثة في العالم الغربي والمجالات التي تركزت حولها، وبين التطورات في العالم الإسلامي والحدود التي وقفت عندها. تكونت الحداثة في الغرب في سياق تحولات في البنى الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعلمية، وما أفرزته من فلسفة سياسية توجت هذه التحولات. شكلت العقلانية حلقة مركزية في الوصول إلى الحداثة، وهو صراع خاضته المجتمعات الغربية ضد الكنيسة ورجال الدين منذ الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر في القرن السادس عشر وتتويج هذا الإصلاح في عصر الأنوار وما أفرزه من فكر سياسي لعب دوراً مهماً في التغييرات السياسية وبناء الديمقراطية في المجتمعات الغربية، حيث شكلت قضية العلمانية وفصل الدين عن الدولة خلاصة هذا الصراع المديد على امتداد قرون، وبعد أن دفعت هذه المجتمعات كلفة باهظة من الحروب الأهلية ثمناً لهذا التحول نحو الحداثة.
لم يمكن للمجتمعات العربية والإسلامية أن تشهد المسار الذاتي التي عرفه الغرب في سيره نحو الحداثة والتحديث. يعود السبب إلى جملة عوامل تتصل بدرجة التطور الإقتصادي والإجتماعي والسياسي الذي مرّت فيه هذه المجتمعات قبل القرن التاسع عشر، والذي أبقاها خارج العصر الذي كان صاعداً في الغرب. وعندما أتيح لهذه المجتمعات أن تتعرّف على الحداثة الغربية، لم تستطع أن تنجز تحولات داخلية تسمح بصراع مع البنى الإجتماعية والثقافية السائدة، بما يسمح بتوليد ثقافة جديدية مناقضة للفكر السائد. ظلت علاقة هذه المجتمعات بالحداثة علاقة خارجية، تتلقى بعض تأثيراتها التي لم تتجاوز القشرة، وتصدّ الجوهري منها الذي قد يؤثر في البنى القائمة. يشكل فكر النهضة الذي حاول أن يشق طريق ثقافة جديدة متصلة بالحداثة لجهة العقلانية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والمساواة.. يشكل هذا الفكر نموذجا لتصدي الإسلام بمؤسساته ورجال الدين فيه إلى هذا الجديد القادم واعتباره خطراً على الإسلام والمسلمين لما يحمله من أفكار تناقض ما قدمه الفقهاء من فكر جمّد الإسلام ومنعه من التطور والتفاعل مع الفكر السياسي الحديث. وعند الحديث عن العوامل التي أجهضت التنوير في المجتمعات العربية والاسلامية، يصعب إنكار الدور السلبي الذي لعبه الإسلام عبر مؤسساته الرسمية والثقافية المتولدة عن ممارسته، والمعوقات التي وضعتها امام إدخال فكر جديد يساعد في الملاءمة بين الدين الاسلامي ومنتجات الحداثة، والفصل بين الدين والسياسة.
مما لاشك فيه أنّ قضية الحكم والسلطة في الإسلام والفكر السياسي الذي تكوّن حولهما يشكلان أهم عائق في علاقة الإسلام بالحداثة. ظل الفكر السياسي الإسلامي مشدوداً الى نظرية الدمج بين الدين والسلطة واعتبار الإسلام دينا ودولة. وهي نظريات جرى تكريسها منذ اندلاع الصراع بين المسلمين حول الخلافة إثر وفاة الرسول، وما تبعها لاحقاً في العهود الأموية والعباسية من تكريس لهذه المقولة التي كانت تلعب دوراً مركزياً في تبرير وتشريع السلطان السياسي. لم ينقطع السجال في هذا الموضوع قديماً وحديثاً، بل على العكس يشهد الدمج بين الدين والدولة في الإسلام ذروة انبعاثه اليوم على يد الاسلام السياسي الذي يرفع شعار الدولة الدينية والعودة إلى نظام الخلافة في وصفه الشعار المركزي لأهدافه السياسية. في هذا المجال يقع التناقض في علاقة الإسلام بالحداثة، وهو أمر شبيه بما مرّت فيه المجتمعات الأوروبية قبل أن تحسم العلاقة بين الدين والدولة وتفصل بين المجالين الديني والسياسي، وهو الأمر الذي حرر المجتمعات الأوروبية من الكثير من القيود التي كانت تمنع تقدم بلدانها وتجاوز بنى التخلف القائمة. لم يمكن لإرهاصات الفكر النهضوي والتنويري الذي جادل ضد وحدانية الدين والدولة في الإسلام، أن يتحول إلى صراع داخل هذه البنى ويجرف في طريقه مخلفات الفكر الموروث، بل إن حجم التأثير الذي تمتلكه المؤسسات الدينية ومعها العلاقة القائمة مع السلطة السياسية، منعت فكر النهضة من اختراق الثقافة السائدة والموروث من الأفكار الدينية، وانتاج ثقافة بديلة تفصل بين الدين والدولة. يعود الأمر ايضا، خلافا لما عرفته اوروبا، إلى درجة ضعف تكوّن القوى القادرة على حمل مثل هذا المشروع الجديد، وهي قوى اقتصادية واجتماعية وسياسية مطلوبة.
تشكل قضية المرأة ودرجة تحررها من ربقة التقاليد والثقافة السائدة أحد المقاييس الدالة على مستوى تطور بلد من البلدان، ومدى انخراطه في التحديث والتقدم. يشير عبد المجيد الشرفي إلى أفكار شائعة تتصل بدونية المرأة في المجتمعات الإسلامية، وتعيدها إلى الأحكام التي قال بها الإسلام والتي تميّز بين الرجل والمرأة لصالح موقع الرجل وسلطته. صحيح أنّ النص القرآني ومعه الكثير من الأحاديث تحمل ما يشير إلى دونية في موقع المرأة، وهي نصوص اعتمد عليها الفقهاء المسلمون لتكريس منطق علاقة اللامساواة بين المرأة والرجل، ولكن، على أهمية النصوص التي تعطي تبريرًا أيديولوجياً لهذه المسألة من قبل رجال الدين والقوى الإجتماعية على السواء، إلاّ أنه يجب التعاطي مع قضية النظرة إلى المراة ليس انطلاقا من النص الديني، بمقدار النظر الى درجة التطور الإقتصادي والسياسي والإجتماعي، اي مستوى التطور الحضاري لبلد من البلدان، حيث يحدد هذا التطور وحدوده التغيراات في موقع المرأة. بهذا المعنى لا تنفصل قضية تحرر المرأة ومساواتها بالرجل في المجتمعات العربية والإسلامية عن درجة التخلف وحدود التقدم الذي حصلته هذه المجتمعات، وهي درجة ما تزال غالبة لصالح البنى الجامدة والثقافة التقليدية التي تحمل عداء للمرأة في الأصل.
إنّ دخول المجتمعات العربية والإسلامية رحاب العصر، والنهل من منتجات الحداثة، وتحولها عوامل داخلية في هذه المجتمعات، يطرح قضايا تتصل بالعوامل المساعدة على ذلك، وفي رأسها انخراط الشعوب المعنية في حركة صراع داخلي ضد الثقافة السائدة والموروث الممسك بتلابيب البنى القائمة، وهو عنوان لمشروع نهضوي مطلوب على جميع المستويات كشرط للدخول في الحداثة والعصر.

بقلم: خالد غزال، موقع الأوان، 25 أفريل 2009.