16 ديسمبر 2011

آراء في فقه التخلف، العرب والغرب في عصر العولمة... خلدون حسن النقيب



إن التاريخ الحضاري أو الثقافي للشعوب، لم يكتب إلا في زمن متأخر من القرن العشرين. وتتبدى أحداث هذا التاريخ في صور محيرة من تصادم الحضارات وحوارها. والتخلف ظاهرة متصلة اتصالاً وثيقاً بصراع الحضارات وحوارها. والتخلف ظاهرة متصلة اتصالاً وثيقاً بصراع الحضارات وتصادمها، ذلك أنه نتيجة مباشرة لها، ولتوزيع القوة والهيمنة بين الأمم والشعوب عبر الحقب التاريخية المختلفة.
ولم يتأت لنا أن نفهم ظاهرة التخلف واتصالها بتوزيع القوة بين الأمم إلا في الآونة الأخيرة، وذلك عندما تمّ تحرير مفهوم القوة من محتواه السياسي، وتوسيعه، لما هو ثقافي ونفسي أيضاً. فالتخلف، بهذا المعنى، ليس ضعف جهود التنمية حسب المقاييس الشكلية المتعارف عليها فقط (underdevelopment)، وإنما هو تأخر وارتكاس أيضاً (Backwardness). والتأخر والارتكاس ظاهرتان مستقرتان في التاريخ، وتعنيان تخلف الفكر، أي تأخره عن زمانه وأوانه، وارتكاس الثقافة باتجاهها نحو الماضي والاحتماء به، بما يتناسب مع موقعهما في معادلة توزيع القوة والهيمنة بين شعوب العالم.
ويقصد الباحث بفقه التخلف، ليس الفقه بمعناه الفني الضيق، أي على علم القوانين الشرعية، وإنما الفقه بمعنى تأصيل الفهم بالشيء، ومحاولة تفسيره على أسس موضوعية. والفقه، كما هو مفهوم، هو نتيجة للرأي: أي ما يستنبط من إعمال العقل والفكر الحرّ. وكانت أولى خطوات الباحث على هذا الطريق، وفي هذا الاتجاه، هي تأصيل فهم ظاهرة التخلف بمعنى التأخر والارتكاس، حسب الدورة التاريخية التي تتناوب فيها الأمم والحضارات على الهيمنة على العالم المعلوم، حسب مقومات هيمنتها الاقتصادية والتقنية والعسكرية، والثقافية والنفسية.
والخطوة الثانية تتمثل في محاولة الباحث لتأصيل ظاهرة التخلف، بمعنى التأخر والارتكاس، تتمثل في تحديد أسباب ظاهرة التخلف في الإطار التاريخي الأوسع، حسب أمثولة القبائل. فيظهر الصراع بين الأمم والحضارات، بسبب رغبة قبيلة في الهيمنة على القبائل الأخرى، ومحاولات القبائل الأخرى مقاومة الهيمنة بشكل متصل ومستميت. ومنذ تلك اللحظة التاريخية، يبدأ صراع الحضارات وحوارها في مواجهة تاريخية متصلة.
وهذا الصراع وهذه المواجهة التاريخية المحتدمة، يحدثان، سواء كانت القبيلة تملك دولة أو لا تملك، والتي تتكون فيها الطبقات الاجتماعية الداعية لذاتها أو لا تتكون. فالصراع متصل بظاهرة القوة: علاقات القوة، وتوزع القوة حسب مقوماتها، وليس متصلاً بالدول والطبقات. إذ أنه، حسب منظور المركزية الأوروبية، إذا كان التاريخ هو تاريخ الصراع، والصراع هو بين الطبقات، فالشعوب التي لا تتكون فيها الطبقات، تفتقر إلى الصراع الاجتماعي، وبالتالي فهي شعوب بلا تاريخ، بلا حقب وبلا مراحل، فهو فراغ سديمي متصل.
وقد واجه العرب الغرب مرّات عدة على مرّ التاريخ، في بداية القرن التاسع (بعد الحقبة المشتركة) في زمن هارون الرشيد وشارلمان، وثم في الحروب الصليبية بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر، وطوال القرنين التاسع عشر والعشرين في مرحلة الإمبريالية والاستعمار، وفي الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 والآراء المدرجة في هذا الكتاب، تنصب على العقدين الأخيرين: المرحلة الموصلة إلى هذه الحادثة الصدامية المتفجرة، والتي تمثل من ناحية بالغة الأهمية تجليات ظاهرة صدام الحضارات وما تولده من مقاومة الهيمنة من ردود أفعال يائسة ومستميتة.
في هذين العقدين الأخيرين، هيمنت على الحياة السياسية ظاهرة العولمة التي أفرزتها ظاهرة المعلوماتية، أو مجتمع المعلومات، والثورة التقنية في الإدارة، وتدفق المعلومات عبر الميديا، وسائل الإعلام المعولمة، وهنا، تكمن الخطورة الثالثة في محاولة الباحث لتأصيل فهم التخلف على أنه التأخر والارتكاس، في إدراك أن العولمة تمثل حقبة جديدة من الهندسة الاجتماعية، أي في إعادة تنظيم الاقتصاد والمجتمع بما يتناسب مع هذه الحقبة من التطور الاقتصادي والتقني-العسكري، والثقافي النفسي. والهندسة الاجتماعية تحدد متطلباتها عملية الصراع من أجل التفوق والهيمنة بين الأمم والشعوب. فجاءت العولمة داعية إلى "العودة" إلى اقتصاد السوق بدلاً من دولة الدعاية الاجتماعية ومؤسساتها.
إن درجة النجاح في تفكيك مؤسسات دولة الرعاية الاجتماعية، على صلة وثيقة بالصراع بين الأمم، ولا تقتضيه فقط المتطلبات الاقتصادية. فالعولمة إحدى وسائل الهيمنة لإدامتها والمحافظة عليها. ومن الطبيعي، حسب أمثولة القبائل، أن تظهر أساليب مختلفة لمقاومة الهيمنة، تطرح بدائل عملية لها. وترافق الهندسة الاجتماعية دائماً هندسة تاريخية، يقوم فيها الطرف المهيمن بإعادة تفسير التاريخ، أو تزويره، حسب منظورات ثقافية، وهذه هي الخطوة الرابعة في محاولة الباحث لتأصيل فهم التخلف على أنه تأخر وارتكاس.
وفي مقابل التفسير "الرسمي" المقبول عالمياً للتاريخ، يتمّ للطرف المهيمن اختراع نفسه مقابل الآخر، فقد اخترع الغرب نفسه في عصر التنوير. وها هو يستبد في تفسير معادلة القوة لصالحه في تعبير: الغرب والبقية، شعوب العالم وأممه مجتمعه مقابل الغرب. وها هو يستبد على شعوب العالم وأممه في تحديد ظاهرة الإرهاب، باستعمال الإرهاب المضاد حسب أطروحة كارل شميت: السياسة هي عبارة عن تحديد الصديق مقابل العدو.

لبنات... عبد المجيد الشرفي


في كتابه "لبنات" الصادر عن "دار الجنوب للنشر – تونس" يطرق عبد المجيد الشرفي أبواباً تمسّ واقع مجتمعاتنا العربية والإسلامية في الصميم، ويسعى إلى تفسير موضوعيّ للأسباب الكامنة وراء أزمة استعصاء المجتمعات العربية على الحداثة، متسائلاً ومساجلاً حول ما إذا كان الاستعصاء مطلقاً وأبدياً أم في الإمكان اختراق هذه الجدران العربية الضخمة والعازلة، التي تقفل على عقولنا وعلى مسار تطوّرنا. يعالج مسائل تتصل بعيش العرب مع الحداثة، ويقارن واقع السلفية بين الماضي والحاضر ويضيء عوامل الثبات والتبدل فيها، ويتطرق إلى قضية العلمنة في المجتمعات العربية والإسلامية الحديثة، وإلى واقع المؤسسة الدينية في زمننا الراهن، والدور الذي تلعبه في جوانبه السلبية عامة وحدود المساهمة الإيجابية، ويناقش مسألة ساخنة تتصل بما إذا كان الإسلاميون عامة والمنضوون في سياق الحركة الأصولية هم ضحايا التحديث أم أعداؤه الألدّاء. وفي بحثه عن سبل التفسير وإمكانات الإصلاح، يعرض إلى جملة مواضيع تتصل بالمنهج الذي يراه مناسباً وعلمياً في قراءة الإنتاج الديني، فقدم نماذج عن كيفية القراءة التي تحكم العقل الإسلامي، ومدى الاجتهاد وحدوده في هذا المجال، وصولاً إلى إضاءة قضية الإسلام والعنف التي تشغل اليوم ليس فقط المجتمعات الإسلامية بمقدار ما باتت قضية عالمية تطرح أسئلة ملحة حول الإسلام وعلاقته بهذا الجانب من زاوية النص والممارسة. مواضيع حارّة وحسّاسة اقتحم الشرفي مجاهلها، تأتي في سياق مشروعه الفكريّ المتصل بمعالجة معضلات المجتمعات العربية والإسلامية ودور الفكر الديني الإسلامي في هذا المجال.

10 ديسمبر 2011

حلقة من برنامج "مغربنا في التحرير والتنوير" بعنوان: مفهوم الهجرة في الإسلام

الحلقة 10 من برنامج "مغربنا في التحرير والتنوير" حول موضوع "مفهوم الهجرة في الإسلام"،  بمشاركة : د. راضي دغفوس، د. سلوى بالحاج صالح، أ. بدري المدني، د. محمّد العادل اللطيّف، د. محمّد الحاج سالم.

الجزء الأوّل

الجزء الثاني

الجزء الثالث والأخير

03 ديسمبر 2011

فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتّصال... ابن رشد

"... فإنّا معشر المسلمين نعلم على القطع أنّه لا يؤدّي النظر البرهاني (ويقصد به استنباط المجهول من المعلوم) إلى مخالفة ما ورد به الشرع، فإنّ الحقّ لا يضادّ الحقّ بل يوافقه ويشهد له، فإن أدّى النظر البرهاني إلى نحو ما من المعرفة بموجود ما فلا يخلو ذلك الموجود أن يكون قد سكت عنه فى الشرع أو عرف به. فإن كان ممّا سكت عنه فلا تعارض هناك؛ وهو بمنزلة ما سكت عنه من الأحكام فاستنبطها الفقيه بالقياس من الشريعة وإن كانت الشريعة قد نطقت به فلا يخلو ظاهر النطق أن يكون موافقاً لما أدّى إليه البرهان فيه أو مخالفاً. فإن كان موافقاً فلا قول هناك، وإن كان مخالفاً طُلب هناك تأويله. ومعنى التأويل هو إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقيّة إلى الدلالة المجازيّة من غير أن يخلّ ذلك بعادة لسان العرب فى التجوّز من تسمية الشىء بشَبَهِه أو سببه أو لاحقه أو مقارنه أو غير ذلك من الأشياء التى عوّدت فى تعريف أصناف الكلام المجازي، فإن قال قائلٌ إنّ في الشّرع أشياء قد أجمع المسلمون على حملها على ظواهرها وأشياء على تأويلها وأشياء اختلفوا فيها، فهل يجوز أن يؤدّي البرهان إلى تأويل ما أجمعوا على ظاهره أو ظاهر ما أجمعوا على تأويله ؟ قُلنا : أمّا لو ثبت بالإجماع بطريق يقيني لم يصحّ، وإن كان الإجماع فيها ظنيّا فقد يصحّ".

الأزمة الفكريّة والحضاريّة في الواقع العربي الراهن... محمّد أبو القاسم حاج حمد


هناك أزمة فكريّة وحضاريّة في الواقع العربي الراهن، ولا يستهدف الباحث من خلال كتابه هذا توصيف هذه الأزمة في شموليّتها أو تحليل عناصرها ومكوّناتها فقد أفاضت في ذلك بحوث عديدة مختلفة المناهج زوّدتنا بقراءات نقديّة للواقع في كلّ جوانبه الاجتماعيّة والعقليّة والسياسيّة والسلوكيّة، وأكاد أقول أنّ ما لدينا من تأطير نقدي لبنية الواقع قد وصل في مستواه المعرفي إلى حدود يمكن أن تُؤسّس عليها مناهج الخروج من الواقع المأزوم باتّجاه التغيير... وعلى طريق الخروج من الأزمة هناك محاولات الصحوة الإسلاميّة المعاصرة، والتي تندفع بقوة لتملأ فراغاً عجزت منظومة القيم العلمانيّة الوضعيّة، بأشكالها الليبراليّة والشموليّة عن ملئه. والحركات الإسلاميّة إذ تتقدّم واثقة بنفسها وخطوها لتملأ هذا الفراغ فإنّها خلافاً لغيرها تستند إلى مشروعيّة دينيّة وتاريخيّة وثقافيّة لم تتحوّل إلى تراث، فهي مشروعيّة حيّة في أحشاء الواقع ويكفي فقط أن تُستدعى لتمارس الفعل والتأثير. غير أنّ ثمّة فرقاً كبيراً بين أن يتمّ هذا الاستدعاء بمنطق سكوني لا يرى في الواقع سوى أشكاله الهيكليّة التي استقرّت صورها في ذهنه كترسيمات ثابتة للمجتمع وأفكاره، وبين أن يتمّ هذا الاستدعاء بمنطق تحليلي ينفذ إلى داخل هذه الهياكل ليرى مقدار ما يصيبها من تحولات في بنيتها الداخليّة، وهي تحولات ترتبط بقوانين التفاعل الإنساني مع متغيّرات الزمان والمكان، أي مبادئ الحركة والصيرورة وبتداخل المحلّي مع العالمي في سياق جدلّي لا يعرف التوقّف والانقطاع. لذلك ارتبطت هذه المعالجة لدى الباحث في هذه الدّراسة بالتعرّف على ذلك النمط من الأفكار الذي يحاول فهم قوانين الحركة والاتجّاه في الواقع، سواء تمّ هذا الفهم بمنطق (خلدوني) كما حاول الدكتور محمد جابر الأنصاري، أو باكتشاف النسق الحضاري والماورائيّات الفكريّة المكوّنة له كما حاول الدكتور سيد دسوقي حسن، لكسر ما أسماه هو والدكتور محمود محمد سفر (طوق الاستبسال الدائري) أو كسر متاهة الحلقة المفرغة. هذا وقد قادت محاورة الباحث لفكر الدكتور سيد دسوقي حسن بالضرورة إلى التعرّف على تحديداته لخلفيّات التأسيس الفكري الكامن في ماورائيّة التمثلات للوجود وعالم التصوّرات، وكذلك مناقشته لمعايير التفاعل القياسي في تحديد الخطّ الحضاري للعلاقة مع الزمن والأشياء وصولاً إلى مناقشته لمفهومه لكيفيّة الخروج من الأزمة، ليطرح من ثمّ الأزمة في إطارها العالمي ومنعكسات العالميّة عليها آخذاً بفحوى المساجلات بين الليبراليّة التعدّدية كما طرحها الكاتب الكويتي خليل علي حيدر وتيّارات الصحوة الدينيّة، باعتبار المساجلات لحظة تعارضيّة بين نسقين: أحدهما وضعي انتقائي وآخر سكوني مثالي. ليعيد من ثمّ النظر إلى الصحوة من خلال منطق الدكتور طه جابر العلواني الذي يتعلّق فكره بتطوّرات العلاقة بين الأنا والغير في إطار عالميّة تتطلّب رؤية منهجيّة ومعرفيّة جديدة، موضّحاً في هذا الإطار خصائص الأزمة الحضاريّة العالميّة ومدى انعكاسها على مفاهيم الأزمة في الواقع العربي. ومن ثمّ تمّ التطرّق لحركات شباب الصحوة ومؤثّرات سيّد قطب، وكذلك أزمة المثقّفين العرب التحليليّين. وبعد ذلك كان لا بدّ للباحث من تحليل مفهوم الشموليّة الإسلاميّة ليصار من ثمّ إلى الانطلاق إلى إسقاطات المعرفيّين العلميّين على الواقع العربي الإسلامي، ليحدّد بعد ذلك منهجيّة القرآن المعرفيّة وتفصيل جدليّة التاريخ العربي بمكوّناته الحضاريّة والثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة للوصول إلى الكشف عن ثغرات المناهج الوضعيّة في التحليل وفهم الظاهرات التي تتبدّى فيها بوضوح تامّ علاقة الغيب بالواقع. وأخيراً توصّل الباحث إلى الكشف عن معالم الأزمة وسعى من ثمّ وبعد التحليل إلى التركيب، تحديداً لمنطلقات الخروج من الأزمة، وتحديداً لمعارج الخروج.


خاصّ: فصل من كتاب «الفكر العربي الإسلامي ـ من تأويليّة المعنى إلى تأويليّة الفهم»... مختار الفجاري

يتألّف كتاب «الفكر العربي الإسلامي ـ من تأويليّة المعنى إلى تأويليّة الفهم» لمؤلّفه الصديق الدكتور مختار الفجاري، من مجموعة من الدراسات والمقالات التي تحاول تطبيق النظريّات التأويليّة العالميّة، على النصوص العربيّة القديمة والحديثة، في مختلف المجالات الفلسفيّة واللغويّة والأدبيّة والصوفيّة والدينيّة، من أجل بناء نظريّة عربيّة في التأويل والفهم.
فالكاتب يعتقد أنّ الثقافة العربيّة الإسلاميّة تعاني من غياب الأدوات والآليّات المنهجيّة للعلوم الإنسانيّة الحديثة، في مجالات التأويل والتفسير. ويفسّر الكاتب هذا الغياب باستمرار الاعتقاد في سلطة النصوص وقداستها وتعاليها، الأمر الذي أدّى إلى ترسّخ ما يسمّيه بـ «تأويليّة المعنى» وغياب ما يسمّيه بـ «تأويليّة الفهم». ولذلك فإنّ الكتاب يعدّ محاولة للخروج بالفكر العربي الإسلامي، من تأويليّة المعنى حيث يسود التمركز حول الحقيقة المطلقة والانغلاق داخل بنية المعنى، للوصول إلى تأويليّة الفهم التي تمتح مصادرها من النظريّات التأويليّة المعاصرة، ولا سيّما عند شلاير ماخر ودلتاي وغادامير.
وقد تكرّم صديقنا د. مختار الفجاري، فأهدانا هذا الفصل المهمّ من كتابه لنشره إلكترونيّا ولأوّل مرّة على مكتبة الشعب الكريم. فله منّا كلّ الشكر وخالص المودّة.

02 ديسمبر 2011

كتاب الملّة ونصوص أخرى... أبو نصر الفارابي


ينقسم "كتاب الملّة" إلى قسمين يعرّف القسم الأوّل الملّة وعلاقتها بالفلسفة، ورئيس الملّة وخلفائه، وصناعة الفقه وصلتها بالفلسفة، ويعرّف القسم الثّاني العلم المدني عامّة والعلم المدني الّذي هو جزء من الفلسفة خاصّة. والنّص الّذي ينشر في هذا الكتاب يوجد كاملاً في نسخة خطّية في لايدن، وملخّصاً في نسخة خطيّة بالمكتبة التّيموريّة في دار الكتب المصريّة. ومن المفيد أن يشار إلى أنّ المقابلة بين النّصين أدّى إلى الظّنّ أنّ الأصل الّذي لخّص في نسخة المكتبة التّيموريّة كان يختلف كثيراً عن نصّ نسخة لايدن وأنّه كان أصحّ وأتمّ. لذلك يمكن إعتبار أجزاء "كتاب الملّة" الّتي يتّفق فيها نصّ نسخة لايدن وتلخيصه في نسخة المكتبة التّيموريّة أكثر صحّةً وأتمّ من الأقسام الّتي اعتمد فيها على نصّ نسخة لايدن فقط. والنّص الّذي ينشر في هذا الكتاب هو خير ما يمكن الحصول عليه من النّسخ المتيسّرة.





كتاب الجراحات والمدارات: فلسفة التدقيق والتحقيق... سليم دولة

يقدّم الصديق الجميل الفيلسوف التونسي سليم دولة من خلال كتابه الجراحات والمدارات بدايات أوليّة لإنشاء فلسفة عربيّة جديدة تبحث في القضايا الإنسانيّة من خلال التدقيق والتحقيق. يتخطّى الكاتب حدود القولبة، بجرأة فذّة واضعاً نفسه أمام المسؤوليّة عنها. فهو يريد حرّية تفكير دون تكفير، حرّية كتابة دون تكبيت، وصحافة دون تصحيف، فالإبداع خلق جديد وثورة حرّة، لا قيود تحدّه، لا شروط تؤطّره، لا رقيب يكسر حروفه... شرّع الكاتب باب النقد الموضوعي ليفتح للقارئ العربي آفاقاً كبيرة للتمحيص والتدقيق والتحليل لواقع الخطاب العربي ومن ثمّ قراءة الخطاب بتمعّن وأناة عارضاً نقد ابن طفيل للغزالي مثالاً. عندما تولّى أبو بكر بن طفيل نقد الغزالي نقداً صريحاً كان الغزالي حينها يمثّل السلطة المرجعيّة الأولى في الأندلس، وبهذا النّقد سلّط الضّوء على الحكمة المشرقيّة لدى ابن طفيل وطريقة التعامل معها. كما يطرح الكتاب ما يسمّى بإشكاليّة الحداثة، إن كان على مستوى العلم، أو فلسفة العلم، أو السياسة... أو فلسفة السياسة... أم الشعر والشعريّة... ويبقى الإنسان المحور الأساس لذلك ومركز الاهتمام الرئيس ولا يمكن فهمه إلا في إطار المجتمع ومن خلاله وصلبه.

الصديق الفيلسوف سليم دولة
أو
أو
أو

لأوّل مرّة مفهرسا ومنسّقا: الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ... أبو العلاء المعرّي

"الفصول والغايات" بمحتواه؛ هو متعة الأديب، وأمنية العالم؛ فإنّ المعرّي ملأه بشتّى العلوم من اللّغة والأدب والعروض والنحو والصرف والتاريخ والحديث والفقه والفلك وعلم النجوم وغير ذلك ممّا لم يسبق لغيره جمعه بالطريقة التي سلكها، ذلك أنّه كان يُملي الفقرة على تلامذته ثمّ يختمها بالغاية، وهي عنده بمنزلة القافية في بيت الشعر، وقد تطول الفقرة وقد تقصُر، ثمّ يُملي التفسير. وقد رتّب الكتاب ترتيباً ألفبائيّاً في مواضيعه مبتدئا بالهمزة ومنتهيا بالخاء.

وهذا الكتاب كثر عنه الحديث قديما وحديثا، وذهب بعضهم إلى أنّ فيه محاكاة لأسلوب القرآن الكريم. ولكنّ نصّه الذي بين أيدينا، أو ما بقي منه، يشتمل على تمجيد للّه ومواعظ لعباده مع ما يعرف عن أسلوب المعرّي من استطرادات لغويّة وأدبيّة.
الكتاب: الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ (ما بقي منه لأنّ الكتاب كاملا مفقود).
المؤلّف: أبو العلاء المعري (ت 449 هـ)
المحقّق: محمود حسن زناتي
التوثيق: منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، د.ت. (ط 1 بتاريخ 1938 بمصر).
عدد الصفحات: 495، الحجم: 10.5 ميغا
 

الترجمة إلى العربيّة... بشير العيسوي

تشمل قضايا وآراء الطبعة الثانية التى أضيفت إلى الطبعة الاولى من هذا الكتاب: إشكاليّة ترجمة البلاغة العربيّة، كتب الأصول: نترجمها أم نعرّب جمهورها ؟، جماليّات القصيدة المترجمة إلى العربيّة، من مشاكل الترجمة الفوريّة، لغتنا والترجمة. وهذه القضايا والآراء إضافة- إلى أخواتها في الطبعة الاولى وهي : تعدديّة النصّ المترجم إلى اللغة العربيّة، غياب المفهوم التاريخي في النصوص المترجمة إلى العربيّة، تعريب العلوم وقضيّة الدولة، عناني وفنّ الترجمة، وظيفة الترجمة، اللغة العربيّة بين التصعيد والترجمة، الترجمة الابداعيّة، ترجمة المصطلح النقدي - تمثّل في مجملها محاولات من واقع التجربة العمليّة لمعالجة مشاكل حيويّة في حقل الترجمة العربيّة.
وإذا كان للكتاب من إضافة، فإنّه عالج في مقالين مستقلّين بعضا من مشاكل الترجمة الفوريّة في الطبعة الثانية. إلى حانب ذلك تناول الكتاب في دراسة مستفيضة الحالة المزاجيّة للقصيدة الضبابيّة لشاعرة مثل إديث سيتويل التى يفرّ من قراءتها أيّ قارئ فما بالك بمن يترجمها ! وهذه الدراسة تؤرّخ لترجمة أوّل قصيدة من لغة أجنبيّة إلى العربيّة وقوفا عند ترجمة شلي العربيّة، ووصولا إلى ترجمة نذير العظمة لبعض من قصائد إديث سيتويل.
أو
أو
أو


الحديث عن المرأة والديانات... الصادق النيهوم

يظلّ الصادق النيهوم كاتباً يثير الاهتمام لدى القارئ، ومنذ وفاته أواخر سنة 1994، وعديد القرّاء في وطنه ليبيا، وباقي المنطقة العربيّة، يتساءلون عن نتاجه الأدبي والفكري الذي تركه. فالنيهوم كان كاتباً غير عادي، وقد أثارت كتاباته، طيلة حياته، أصداء ستتردّد لفترة طويلة، وإحساساً بقيمة هذا الكاتب وعطائه الغزير.
والكتاب الذي بين يدي القارئ "الحديث عن المرأة والديانات" هو واحد من سلسلة الدراسات في مجموعة مكتبة النيهوم، وفيه يقدّم النيهوم دراسة مقارنة حول موضوع رئيسي وهو نظرة الديانات السماويّة إلى المرأة، وكيف عاملتها عبر ثلاثة آلاف عام، وماذا قال الأنبياء عنها، باعتبار أنّ الكتب المقدّسة هي المرجع الوحيد المعترف به لهذا التاريخ المعقّد، وبيان قيمة الدراسات التي تقوم بها الجامعات في أوربّا لموقف المرأة في الإسلام خاصّة، وغايته من ذلك وضع نهاية صورة بسيطة صغيرة لتاريخ الديانات والمرأة، كما حدّت ذلك التاريخ، كما ترويه الأديان نفسها، دون إضافات من قبل الكاتب، فالدراسة المقارنة لا تحتمل غير ذلك، ولا يمكن أن تحقّق أهدافها إذا أصرّت على الحياد.

01 ديسمبر 2011

أوهام الإسلام السياسي... عبد الوهّاب المؤدّب

"إنّ ما يهمّني أوّلا وأخيرا أن أنتقد ديانتي الإسلام بطريقة مشابهة لما فعله نيتشه في عصره مع المسيحيّة. كثير من الناس في عصرنا لا يعلمون بعد أنّ الإسلام في القرن التاسع والعاشر كانت فيه أصوات ناقدة، وكانت إلى حدّ ما أكثر راديكاليّة من نقّاد اليوم.
إنّ أكبر مشكلة للإسلام تكمن في أنّ الأصوليّة تحاول نشر رسالتها في جميع الإتّجاهات. إنّ الإسلام الرسمي الذي يعدّ آخر صورة للإسلام التقليدي يزداد اليوم تشبّعه وتسمّمه بالأفكار الإسلامويّة. وفي هذا كان الإسلام التقليدي منذ القرن التاسع عشر منشغلا بتطوّر شيّق للغاية. وكان من الملاحظ وجود إرادة تتكيّف مع ظروف العصر وتضع خططا مناسبة للتّطوير. أمّا اليوم فطريقة التفكير هذه في طريقها للزّوال، وحتّى يمكن التصدّي للأصوليّة وضع الإسلام التقليدي استراتيجيّة اعتنقت جزءا من الرّسالة الإسلامويّة وأصبح بهذا صَلبا ومتينا".

سوسيولوجيا الغزل العربي: الشعر العذري نموذجاً... الطاهر لبيب


"إنّي على يقين من أنّ مَنْ يقرأ هذا الكتاب لا يعود، بعد قراءته، إلى ما ورثناه من أفكار عن الحبّ وعن الغزل عند العرب. إنّه يُحدث، فعلاً، قطيعةً مع الفكر السائد في موضوعه. أعتقد أنّ لا أحد، قبل الطاهر لبيب، بذل الجهد وأصرّ عليه، بهذا القدر العالي من الموهبة والتّحقيق معاً، ليتذوّق حكايات المحبّين، وليفكّك رموزها ويعيد بناءها، في الوعي الجماعي للقبائل ومخيالها... عرفنا، أخيراً، لماذا شعر البعضُ بالحاجة، تحت سماء الجزيرة العربية، إلى قول الحبّ، كما لم يقله أحد قبلهم، ولماذا عشقوه".
المستشرق الفرنسي أندريه ميكال