بلغ التقدير لهذا الكتاب في الغرب حداً صنف معه كأعظم مؤلف صدر في النصف الأول من القرن العشرين، فهو كتاب يعالج جميع مواضيع الحضارات الإنسانية وإنجازاتها من فن وعلم وفلسفة ومذاهب وأديان، فاشبنغلر يرى أن كل حضارة من الحضارات هي كل متكامل غير قابل للتجزئة وظاهرة أولية متفردة، وذلك لأن لكل حضارة نفساً أولية واحدة تنطلق عنها، وتعبر برموزها عن نوازعها وطاقاتها، وأن تلك الظاهرة وهذه النفس وهذه الرموز هي التي تسيطر وتوجه جميع نتائج الحضارة من أدب وتصوير ونحت وموسيقى وعلم وفلسفة ومذاهب وأديان، لهذا سيجد القارئ اشبنغلر يعالج في هذا الكتاب الضخم جميع هذه الفروع الحضارية، وسيراه يستشهد بالموسيقى وهو يبحث في الرياضيات، ويدلل على صحة أقواله بالدين وهو يتحدث عن النحت والتصوير، ويقتبس براهينه من الطقوس المذهبية أو الدينية ليثبت نظرياته في الهندسة المعمارية، ويختار دليله من الرقم الرياضي ليبرهن على صحة نظريته في الجنس. لهذا فإن القارئ سيذهل لوفرة معلومات اشبنغلر الموسوعية وسيعجب بمنطقه المنسق والدقيق الملاحظة في هذا الكتاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.