الدولة برجالها، والأمة بآحادها، على هذا المحور يدور القسم الأكبر من مباحث الجمهورية. فتربية الرجال، ومكانتهم ورعايتهم، وما لهم من النفوذ في الدولة، يشكل القسم الخيالي في جمهورية افلاطون، وقد رمز بذلك إلى الرجل الفذ، الحكيم الشجاع، العنيف العادل، الذي يدعوه "المثل الأعلى" وهو ركن الدولة المثلى.
فإذا شرح القارئ ذهنية الجمهورية، رأى أمامه جواً صافياً، حافلاً بالمثل، مزداناً بأرقى الأفكار، فتثور في نفسه في نفسه محبة الجمال، وتنطبع تلك النفس بطابع الجمال الذي رأت مثله في تفكير أفلاطون من نزاهة نفس، وسديد رأي، وثاقب نظر، وعالي همة، وترفّع عن التقليد، وعن مسايرة البيئة. وبالإجمال عن كل ما يُغلّ الفكر من عادات وتقاليد وأوهام. ففي هذا الموقف يتجلى للذهن جمال الحقيقة الخلاب فتصير ضالته المنشودة في هذا النموذج من الرجال الذين يفتقر إليهم هذا العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.