عبد
الله القصيمي هو من مواليد قرية تدعى "خب الحلوة" إلى الغرب من مدينة
بريدة النجديّة السعوديّة. ولد القصيمي في العام 1907، وقد عاش طفولة محرومة حيث
نشأ بعيداً عن أبيه الذي غادر العائلة إلى الشارقة. إلا أنّ القصيمي نشأ مكافحاً،
فرغم ظروفه الصعبة، لم يترك العلم، فسلك طريقه لتهيئ له الظروف من ثمّ الرحيل إلى
القاهرة حيث التحق في العام 1927 بالجامع الأزهر الذي كان يواجه حملة واسعة من عدد
من المفكرين المصريين وعلى رأسهم الشيخ رشيد رضا ومجلته "المنار". وقد
شارك القصيمي في هذه الحملة عندما ردّ بعنف على مقالات نشرها الشيخ يوسف الدجوي
عام 1931 في مجلة "نور الإسلام" وفيها هجوم عنيف على الآراء الوهابيّة
مثل مقالته "التوسّل وجهالة الوهابيّين"، فأصدر القصيمي كتابه الأوّل
وهو "البروق النجديّة في اكتساح الظلمات الدجويّة" وفيه نقض شامل لحجج
الشيخ الدجوي، مما استدعى علماء الأزهر إلى فصل القصيمي من الأزهر فأصدر على أثر
ذلك كتابين يهاجم فيهما الأزهر بعنف واضح هما "شيوخ الأزهر والزيادة في
الإسلام" وكتاب "الفصل الحاسم بين الوهابيّين ومخالفيهم" وهو الكتاب
الذي نقلّب صفحاته والذي أكسبه شعبيّة واسعة في أوساط حركة التجدّد الإسلامي. وفي
عام 1936، جدّد القصيمي التزامه بالدفاع عن الدعوة الوهابيّة في كتابه
"الثورة الوهابيّة"، ثمّ تابع حملته بالردّ على كتاب أصدره في سوريا
العلاّمة السيد محسن الأمين بعنوان: "كشف الارتياب في اتباع محمّد بن عبد
الوهاب" وذلك في مجلّدين من 1600 صفحة بعنوان "الصراع بين الوثنية
والإسلام".
وبالعودة إلى كتابه "الفصل الحاسم بين الوهابيّين
ومخالفيهم" الذي نسلّط عليه الضوء نجده يقول بأنّه إنّما استعمل في كتابه من
الشدّة ما يعتبر غضباً لله وغيره على دينه، وإنّ ما دفعه إلى هذا النقد القارص هو
تهجّم المتهجّمين على خلاصة المسلمين، ورميهم بالعظائم وتهييج المسلمين عليهم
لمآرب لا تخفى على ناقد، وهو يسأل القارئ أن يكون متجرّداً عند قراءته لهذا الكتاب
من الهوى والعصبيّة، ومؤثراً البرهان على المشايخ والآباء والعادات، غير ناظر إلاّ
إلى الحقّ.
وبالنظر إلى محتويات الكتاب نجد بأنّ القصيمي قام أوّلاً بشرح
توحيد الألوهيّة والربوبيّة وبيان الفرق بينهما ثمّ أتبع ذلك بيان الشبهات على
إشراك الكافرين في الربوبيّة وجوابها، والبراهين على إيمان المشركين بالله وبأنّه
خالق كلّ شيء، ثمّ الفرق بين توحيد الألوهيّة والربوبيّة وجوابها، والفرق بين
التوحيدين وبرهانه، لينتقل من ثمّ إلى التحدّث عن المسائل الكبرى التي زلّت فيها
مجلّة الأزهر، وإبطال التوسّل الأزهري إبطالاً إجماليّاً، ليبيّن بعد ذلك من هم
الخوارج، ثم ليعرض تلك المناظرة بينه وبين الشيخ الدجوي حول علوّ الله على عرشه
مقدّماً البراهين على علوّه تعالى، ومستشهداً من ثمّ بآراء طائفة من عظماء المصريّين
من التوسّل، وعارضاً من ثمّ لخطاب الشيخين الدجوي والظواهري، ومتحدّثاً في النهاية
عن واجب المصريّين الوطني والديني نحو الأزهر والأزهريّين (نبذة النيل والفرات).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.