08 مايو 2011

موسوعة النظرية الثقافية


تتصدي هذه الموسوعة‏ (‏ موسوعة النظرية الثقافية المفاهيم والمصطلحات الأساسية‏)‏ لتوضيح المعني والفارق بين الكلمتين‏,‏ طارحة معها عبر صفحاتها مصطلحات ومفاهيم ومداخل ثقافية مختلفة في شتي ميادين المعرفة والفكر‏..‏ الطبعة الأولي من هذا المجلد الموسوعي‏(‏ صدرت عام‏ 2008)‏ اشتملت علي نحو ‏340‏ مفهوما ومصطلحا هي الأهم والأكثر تداولا في إطار النظرية الثقافية المعاصرة‏..‏ أما الطبعة الثانية والتي بين أيدينا فقد استحدثت نحو‏26‏ مدخلا جديدا تتضمن آفاقا فكرية واجتماعية وسياسية واقتصادية علي الصعيد العالمي‏,‏ ويمكن القول كما يؤكد لنا محمد الجوهر الذي قدم للموسوعة إن هذه الاضافات من ثمار مستجدات العولمة‏..‏

والنظرية الثقافية مصطلح يطلق علي محاولات عديدة لتصوير وفهم ديناميات الثقافة‏..‏ ومن الناحية التاريخية فهو يتضمن أيضا الجدل حول العلاقة بين الثقافة والطبيعة‏..‏ وبين الثقافة العليا والثقافة الدنيا‏,‏ والتداخل بين التراث الثقافي من ناحية والاختلاف والتنوع الثقافي من ناحية أخري‏,‏ وقد عرفت النظرية الثقافية أيضا بارتباطها بمفاهيم وتصورات غالبا ما تغطي جوانب ذات صلة بفكرة الثقافة نفسها‏,‏ ومن بين هذه المفاهيم مفهوم الايديولوجيا ومفهوم الوعي‏..‏

أما الدراسات الثقافية فهي بمثابة ميدان جديد سريع النمو من ميادين البحث الأكاديمي‏,‏ يدرس في بعض الأحيان كتخصص مستقل في بعض الجامعات والمعاهد العليا‏,‏ وهو يقع علي تخوم عدد من العلوم الاجتماعية‏(‏ خاصة علم الاجتماع‏)‏ والإنسانية‏(‏ خاصة الأدب‏),‏ كما يهتم ميدان الدراسات الثقافية أساسا بدراسة طبيعة الثقافة الجماهيرية ومنتجات الصناعات الثقافية ودراسة الاتصال والمجتمع الاستهلاكي‏..‏
وموسوعة النظرية الثقافية كما يؤكد المحرران أندرو ادجار وبيتر سيد جويك تسعي الي أن تقدم عرضا شاملا لا ينحاز لتوجه علي حساب الآخر‏,‏ كما تسعي لتناول الأفكار التي لها صلة واضحة بدراسة الثقافة‏,‏ فهي مجال خصب وشامل يتضمن في جنباته ألوانا وأشكالا من الثقافة والفكر‏,‏ هناك علي سبيل المثال علم الاجتماع الثقافي والمعرفي و‏(‏سوسيولوجيا‏)‏ الحياة اليومية والأنثربولوجيا الثقافية وعلوم اللغة والتحليل النفسي‏,‏ بل وعلم الاقتصاد أيضا‏..‏ فهي إذن تجمع في طياتها علوما مختلفة قريبة الصلة بمفهوم‏(‏ الثقافة‏)‏ بشكله الواسع وأفقه الرحب‏..‏
نحن إذن أمام عمل جاد وشامل‏..‏
عمل تصدي لانجازه نخبة من المفكرين والباحثين أخذوا علي عاتقهم مهمة تعريف القاريء بالمصطلحات والمفاهيم الثقافية المختلفة‏..‏ عملوا معا بروح الفريق المتكامل‏,‏ لينجز كل واحد منهم جزئية وفق تخصصه ودراسته‏..‏ هادفين الي دفع العمل الفكري واثراء النقاش العام حول قضية النظرية الثقافية‏.‏ والموسوعة مرتبة موادها ومداخلها حسب الترتيب الهجائي العربي‏,‏ وهي تعد بحق اضافة وانجازا عظيما تزهو به المكتبة العربية المتعطشة لهذه الألوان من الأعمال‏..‏
وهذا النوع من الترجمات يعكس معه جهدا كبيرا وعملا متواصلا ومثابرة ودأبا ونفسا طويلا‏,‏ والأهم من ذلك كله الاحساس بالمسئولية الواقعة علي كاهل المترجم من ناحية‏,‏ وكاهل دور النشر من ناحية أخري التي تصدت لترجمة القواميس والموسوعات المهمة والتي تساعد معها القارئ علي اللحاق بركب التطور العلمي والثقافي في شتي فروع المعرفة‏.‏
ينبغي هنا أن نشير للدور المهم الحيوي الذي يقوم به المركز القومي للترجمة الذي أخذ علي عاتقه مسئولية الترجمة من اللغة الأم الي اللغة العربية لتكون ترجمة دقيقة وصادقة‏,‏ فضلا عن تنوع اختياراته‏(‏ أعمال أدبية اجتماعية علمية روائية موسوعات‏..‏الخ‏),‏ وهذا في حد ذاته يعكس رؤية شاملة ومتكاملة لأهمية دور الترجمة في دفع الثقافات وتدعيم العلاقات بين الشعوب والبلدان وفي تطوير الرؤي ووجهات النظر‏.‏
ونشير هنا علي وجه الخصوص الي شخصية المترجم الذي يتصدي لهذه النوعية من الترجمات‏..‏ فمترجم القواميس والموسوعات والمعاجم‏,‏ يبدو لي مثل الجندي المجهول الذي يضحي بنفسه في سبيل الجموع‏..‏ في سبيل الصالح العام‏..‏ ربما لن يري ثمرة ما قام به هكذا مباشرة‏,‏ أمام عينيه‏,‏ إلا أن عمله يكتسب أهمية علي مدي الزمان ومضي السنوات‏,‏ إذ أنه يؤصل معه للفكر الثقافي‏,‏ ويسهم في تنشئة أجيال جديدة‏,‏ ويدعم معه بنيتها الفكرية‏..‏
ومثل هذه النوعية من الترجمات تحتاج الي من يملك بصيرة عميقة ورؤية واضحة ونفسا متسامحة تسعي الي الخير والمنفعة العامة لصالح الإنسانية جمعاء‏..‏
مراجعة وتقديم محمد الجوهري‏,‏ تعريب د‏.‏ هناء الجوهري أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة والخبيرة الدولية في التنمية الاجتماعية‏,‏ صادرة عن المركز القومي للترجمة‏.‏



ليلي الراعي 

الأهرام اليومي : 05 - 05 - 2010

***********************************

رابط للقراءة المباشرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.