20 مايو 2011

الزعيم السياسي في المخيال الإسلامي بين المقدس والمدنس... محمد الجويلي



إذا كانت مسألة الحكم والزعامة السياسية استأثرت باهتمام المثفقين العرب منذ بداية عصر النهضة ، لكونها تعد أساس هام في سبيل النهضة و بما تطرحه من إشكاليات دور الزعامة السياسية ودورها في بناء المستقبل ، وإذا كان العقل العربي بدوره حظي بالاهتمام نقد وتحليل من قبل طائفة من المفكرين العرب ومن بينهم برهان غليون في اغتيال العقل ومحمد الجابري في مشروعه نقد العقل العربي. 
إلا أن بنية المخيال العربي والإسلامي ، أو لنقل المخيال الإسلامي لم تأخذ حقها من العناية وغدت من اللامفكر فيه ( فهل يحق لنا أن نتحدث عن عقل عربي أصلا حتى يتسنى لنا الحديث عن اغتياله ؟ والبحث في آليات اشتغاله ؟ ام أن العقلانية ذاتها تتطلب أن نتحدث عن المخيال العربي الإسلامي عوض أن نتكلم عن العقل العربي الإسلامي ، ثم بعد ذلك قد تتيح لنا المشروعية المعرفية أن نبحث في مواصفات العقل ؟ هل لنا عقل سياسي ام مخيال سياسي ؟ ( الزعيم السياسي – ص 14 ) .
ولكن لما الزعيم السياسي موضوعا للدرس ، يجيب المؤلف قائلا ( فهو الغائب الحاضر ، يغيب في بحوثنا المعاصرة المتعلقة بالسياسة غيابا يكاد يكون مطلقا ، ولا يبحث في مواصفاته إلا على هامش القضايا المطروحة ، ويحضر حضورا مكثفا لان قضايا الديمقراطية والعدالة والحرية ، لا تتحقق إلا بحضوره السلبي أو الايجابي على حد سواء ، ثم إننا كثيرا ما نحلم ، ونطالب بالزعيم المنقذ والمهدي المنتظر الذي بواسطته نستطيع أن ندخل العصر ونحرز التقدم ، ونحقق الحرية . ولكن ماذا فعلنا حتى نستطيع أن نخلق مثل هذا الزعيم ؟
أليس غيابه أن غاب يعود إلينا قبل أن يعود إليه !؟ . فالشعوب هي التي تصنع زعماءها ، وليس الزعماء هم الذين يصنعون شعوبهم ( المخيال الإسلامي – ص 15 ) .
لكن الشعوب إذا كانت غير قادرة على صنع زعماءها فهي قادرة بمعية المخيال أن تصنعهم ( ونحن نبحث فيه عن صورة الأب الحنون القوي الذي نتماهى فيه لسلطته علينا ونتلذذ مازوشيا بردعه لنا ،لان ذلك الردع هو الذي يخلق منه صورة الأب الحقيقي في مخيلتنا ، ثم بعد أن يتم ردعه لنا يمد لنا يد العطف والحنو ، فتخرج الحناجر مدوية ( يا حنين يا حنين )) ؟! تعلقا منها بسلطة الزعيم الأبوية العطوفة ، هذه السلطة الحنونة كما يسميها فوكو مازالت تجثم علة وجداننا السياسي وتحركه ) . وهي التي تحتاج دراسة لأنها تحيل الواقع خيالا ومن هنا أهمية دراسته لنقف على مكمن البنية العميقة التي تتحكم في بنية العقل العربي الإسلامي .
ومن المدونات العربية القديمة المتعلقة بالإمامة وعبر منهجية فوكو في اركيولوجية المعرفة ، سيلج المؤلف إلى التنقيب في المخيال العربي الإسلامي وهو ينتج مقولة الزعيم السياسي .
بالإضافة إلى الاستعانة بأطروحات بول ريكور حول الايدولوجيا واليوطوبيا باعتبارهما مظهرين أساسين للمخيال الاجتماعي مما يساعد في تتبع جدلهما في الفكر العربي الإسلامي الوسيط . 
يشير المؤلف إلى أن مقولتي المقدس والمدنس قد تثيران العديد من التساؤلات في ذهن القارئ العربي لأنهما يبدوان وكأنهما ينتميان إلى جهاز مفهومي غربي مخالف لنظام المفاهيم العربي الإسلامي ، خاصة وان الذي بدأ ببلورة هذين المفهومين باعتبارهما متضادين جدليين هو عالم الاجتماع الفرنسي دوركهايم ، إلا أن اللغة العربية يقول تملك هذين المفهومين وتجريهما بوصفهما متضادين أيضا ، وعلى كل كما يقول المؤلف فان دال المفهوم ، أي الكلمة في حد ذاتها ، لايهم بقدر مايهم مدلولها الذي نظن أننا نستبصره بشكل جلي ، ونحن نبحث موضوعنا .
احتوى الكتاب على ستة فصول كانت كالتالي :

الفصل الأول : المخيال والكتابة 
الفصل الثاني : من الخلافة إلى الملك أو من المقدس إلى المدنس 
الفصل الثالث : الزعيم الراعي : ثنائية العصا والمزمار 
الفصل الرابع : الزعيم بين واقع التاريخ و واقع الأسطورة 
الفصل الخامس : جدل الايدولوجيا و اليوطوبيا 
الفصل السادس : في سيوسيولجية التخيل الإسلامي للزعامة 
الخاتمة .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.