ليست
قضيّة هذا الكتاب هى الدفاع عن الثورة الإيرانيّة، أو إدانتها وإتّهامها. وإنّما
قضيّته الأساسيّة وهدفه الأوّل هو محاولة فهم الذي يجري هناك من خلال الاتّصال
المباشر والجهد الميداني ودون وصاية أو وساطة. فقد أزعم أنّ سلوكنا العامّ تجاه
الحدث الإيراني فريد في بابه، لا هو مسبوق ولا هو ملحوق ... وأزعم أنّ هناك قراراً
ضمنيّاً برفض أيّ نوع من المعرفة أو الفهم الموضوعي والمحايد لمجريات ذلك الحدث
الكبير، الذي هزّ العالم في عام 1979. وقد رتّب هذا الرفض حالة من الخصام والقطيعة،
لا للسّياسة الإيرانيّة ولا لرموزها، بل لكلّ المعلومات المتعلّقة بمجمل الوضع
الإيراني من مصادرها الطبيعيّة. الأمر الذي عزلنا بالكامل عن إدراك الحقيقة في أيّ
جانب من جوانب الواقع الذي استجدّ بعد الثورة.
الغريب
في الأمر أنّ الحدث الذي عزلنا أنفسنا عنه وخاصمناه يتّصل بصميم الجسم الإسلامي
الذي نحن جزء منه وواقع في قلب الظاهرة الإسلاميّة التى لفتت كلّ الأنظار ، فضلاً
عن أنّه يمثّل أوّل محاولة لإقامة دولة إسلاميّة، بعد إلغاء الخلافة العثمانيّة
قبل أكثر من ستّين عاماً. ناهيك عن كونه ثورة زلزلت أحد عروض الطغيان وأركانه في
العالم الثالث.
بكلّ المقاييس فإنّ الحدث يهمّنا، سواء
باعتباره شأناً إسلاميّاً، أو بحسبانه زلزالاً شهده عالم المستضعفين الذي ننتمي
إليه. وفي أضعف الإيمان، لأنّه يجري وراء ظهورنا، وقد يكون له تأثيره البالغ على
مصالحنا ومصائرنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.