25 نوفمبر 2011

بحوث وتحقيقات ومؤلفات الشيخ حسن الشافعي




السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور حسن الشافعي

اتَّسَمَتْ شَخْصِيَّةُ الأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ حَسَنِ الشَّافِعِيِّ بِثَرَائِهَا الفِكْرِيِّ وَتَعَدُّدِ جَوَانِبِهَا، وَامْتَدَّتْ تَجْرِبَتُهُ العِلْمِيَّةُ وَالفِكْرِيَّةُ عَلَى مَدَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قَرْنٍ، وَلاَ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنَ المُتَخَصِّصِينَ فِي الحَقْلِ الفَلْسَفِيِّ وَالفِكْرِيِّ أَنَّ الأُسْتَاذَ الدُّكْتُورَ حَسَنَ الشَّافِعِيَّ شَخْصِيَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ لاَ يَخْتَلِفُ عَلَيْهَا اثْنَانِ، وَقَدْ قَالَ أَصْدِقَاؤُهُ وَتَلاَمِذَتُهُ الكَثِيرَ وَالكَثِيرَ عَنْهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ وَأَخْلاَقِهِ.

وَالمُتَتَبِّعُ لِمَسِيرَةِ حَيَاةِ الأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ حَسَنِ الشَّافِعِيِّ يَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّ كُلَّ مَا قِيلَ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ جُزْءٌ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِهِ، وَأَنَّ مَا تَوَلاَّهُ مِنْ عُضْوِيَّاتٍ، وَمَا تَقَلَّدَهُ مِنْ مَنَاصِبَ إِنَّمَا كَانَ عَنِ اسْتِحْقَاقٍ وَجَدَارَةٍ، فَقَدْ تَلَقَّى مَرَاحِلَ دِرَاسَتِهِ الأُولَى فِي مَسْقَطِ رَأْسِهِ، وَاسْتَهَلَّهَا بِحِفْظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَتَلَقَّى العُلُومَ الإِسْلاَمِيَّةَ الأَوَّلِيَّةَ عَلَى يَدِ شُيُوخِ بَلْدَتِهِ؛ إذ دَرَسَ الاِبْتِدَائِيَّةَ الأَزْهَرِيَّةَ فِي مَعْهَدِ القَاهِرَةِ الدِّينِيِّ الأَزْهَرِيِّ.

ـ ثم الْتَحَقَ بِكُلِّيَّةِ أُصُولِ الدِّينِ بِجَامِعَةِ الأَزْهَرِ عَامَ 1953م، وَبَعْدَهَا بِعَامٍ الْتَحَقَ بِكُلِّيَّةِ دَارِ العُلُومِ، وَتَخَصَّصَ فِي دِرَاسَةِ الفَلْسَفَةِ وَالعَقِيدَةِ، وَدَرَسَهُمَا فِي الجَامِعَتَيْنِ مَعًا.

ومن أهم المحطات في حياة شيخنا الجليل "حسن الشافعي":

ـ تَوَقَّفه عَنِ الدِّرَاسَةِ لأَسْبَابٍ خَاصَّةٍ امْتَدَّتْ إِلَى سِتِّ سَنَوَاتٍ، سَمَّاهَا بِالسَّنَوَاتِ العِجَافِ، وَبَعْدَهَا عَادَ إِلَى دِرَاسَتِهِ لِلْجَامِعَتَيْنِ مَعًا مِنْ جَدِيدٍ.

ـ حُصوله عَلَى الشَّهَادَةِ العَالِيَةِ مِنْ كُلِّيَّةِ أُصُولِ الدِّينِ فِي العَقِيدَةِ وَالفَلْسَفَةِ سَنَةَ 1963م.

ـ نيله دَرَجَةَ اللِّيسَانْسِ مِنْ كُلِّيَّةِ دَارِ العُلُومِ عَامَ 1963م، بِمَرْتَبَةِ الشَّرَفِ، وَعُيِّنَ مُعِيدًا بِهَا.

ـ الْتَحَاقُه بِدِرَاسَةِ المَاجِسْتِيرِ عَامَ 1964م، ثُمَّ تَوَقَّفَ عَنِ الدِّرَاسَةِ لأَسْبَابٍ خَارِجَةٍ عَنْ إِرَادَتِهِ اسْتَمَرَّتْ لأَرْبَعِ سَنَوَاتٍ، ثُمَّ عَادَ لِلدِّرَاسَةِ عَامَ 1968م.

ـ حُصَوله عَلَى المَاجِسْتِيرِ عَامَ 1969م فِي الفَلْسَفَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ.

ـ الْتَحَاقه بِدِرَاسَةِ الدُّكْتُورَاه عَامَ 1970م، وَاسْتَمَرَّتِ الدِّرَاسَةُ ثَلاَثَ سَنَوَاتٍ، لَكِنَّهُ تَوَقَّفَ عَنِ الدِّرَاسَةِ فِي مِصْرَ، وَالْتَحَاقه بِكُلِّيَّةِ الدِّرَاسَاتِ الشَّرْقِيَّةِ وَالإِفريقيَّةِ بِجَامِعَةِ لَنْدَنْ، وَأَكْمَلَ رِسَالَةَ الدُّكْتُورَاه هُنَاكَ، وَحَصَلَ عَلَيْهَا عَامَ 1977م.

ـ عَودته إِلَى كُلِّيَّتِهِ (دَارِ العُلُومِ) فِي القَاهِرَةِ، وَدَرَسَ الفَلْسَفَةَ لِمُدَّةِ عَامَيْنِ.

ـ فِي عَامِ 1979م عَمِلَ بِالجَامِعَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ بِأُمِّ دُورْمَانَ أُسْتَاذًا زَائِرًا، وَعَمِلَ لِفَتَرَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ بِجَامِعَةِ المَلِكِ عَبْدِ العَزِيزِ بِالسَّعُودِيَّةِ (أُمِّ القُرَى).

ـ فِي عَامِ 1981م أُعِيرَ إِلَى الجَامِعَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ بِبَاكِسْتَانَ أُسْتَاذًا، ثُمَّ عَمِيدًا لِكُلِّيَّةِ الشَّرِيعَةِ فِي عَامِ 1983م، ثُمَّ عَمِيدًا لِلشُّؤُونِ الإِسْلاَمِيَّةِ لِشُؤُونِ إِسْلاَم آبَادْ عَامَ 1984م، ثُمَّ نَائِبًا لِرَئِيسِ الجَامِعَةِ لِلشُّؤُونِ الأَكَادِيمِيَّةِ عَامَ 1985م وَحَتَّى عَامِ 1988م.

ـ عَودته إِلَى كُلِّيَّتِهِ فِي القَاهِرَةِ، وَعَمِلَ وَكِيلاً لِشُؤُونِ الدِّرَاسَاتِ العُلْيَا عَامَ 1989م وَحَتَّى عَامِ 1992م، ثُمَّ رَئِيسًا لِقِسْمِ الفَلْسَفَةِ بِكُلِّيَّةِ دَارِ العُلُومِ بِالقَاهِرَةِ فِي عَامِ 1994م، وَفِي العَامِ نَفْسِهِ اخْتِيرَ عُضْوًا لِمَجْمَعِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، وَرَئِيسًا لِلْجَامِعَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ بِإِسْلاَم آبَادْ، وَاسْتَمَرَّ رَئِيسًا لَهَا حَتَّى عَامِ 2004م.

أَمَّا عَنْ عُضْوِيَّتِهِ فِي المُؤَسَّسَاتِ العِلْمِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ؛ فَقَدِ اشْتَرَكَ الأُسْتَاذُ الدُّكْتُورُ حَسَنُ الشَّافِعِيُّ فِي عُضْوِيَّةِ العَدِيدِ مِنَ الهَيْئَاتِ العِلْمِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ فِي مِصْرَ وَالخَارِجِ، مِنْهَا:

ـ المَجْلِسُ الأَعْلَى لِلشُّؤُونِ الإِسْلاَمِيَّةِ بِالقَاهِرَةِ.

ـ الجَمْعِيَّةُ الفَلْسَفِيَّةُ المِصْرِيَّةُ.

ـ مَرْكَزُ الدِّرَاسَاتِ الإِسْلاَمِيَّةِ بِجَامِعَةِ القَاهِرَةِ.

ـ المَجْلِسُ العِلْمِيُّ لِكُلِّيَّةِ الدِّرَاسَاتِ العُلْيَا بِمَانْشِسْتَرْ.

ـ مَجْلِسُ أُمَنَاءِ الجَامِعَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ بِإِسْلاَم آبَادْ.

ـ مَجْلِسُ كُلِّيَّةِ دَارِ العُلُومِ.

ـ مَجْلِسُ نَادِي هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ بِجَامِعَةِ القَاهِرَةِ.

ـ مَجْمَعُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، وَعُضْوِيَّتُهُ فِيهِ مُسْتَمِرَّةٌ حَتَّى الآنَ، وقد َاشْتُهِرَ عَنْهُ نَشَاطُهُ المَجْمعِيُّ فِي اللِّجَانِ الَّتِي عمل بِهَا.

أَمَّا عَنْ نِتَاجِهِ العِلْمِيِّ؛ فَقَدْ تَمَيَّزَ بِالغَزَارَةِ وَالتَّنَوُّعِ، وَلَمْ تَحُلْ أَعْبَاؤُهُ الكَثِيرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّأْلِيفِ وَالتَّحْقِيقِ وَالتَّرْجَمَةِ، فَأَصْدَرَ مُنْذُ عَامِ 1971م عَشْرَةَ كُتُبٍ بِالعَرَبِيَّةِ فِي الفَلْسَفَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ وَعِلْمِ الكَلاَمِ وَالتَّصَوُّفِ، وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بَحْثًا عِلْمِيًّا فِي العَدِيدِ مِنَ المَجَلاَّتِ وَالدَّوْرِيَّاتِ العِلْمِيَّةِ فِي مِصْرَ وَالخَارِجِ، وَخَمْسَةَ نُصُوصٍ تُرَاثِيَّةٍ مُحَقَّقَةٍ، وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ مُتَرْجَمَةٍ: اثْنَانِ مِنْهَا مِنَ العَرَبِيَّةِ إِلَى الإِنْجِلِيزِيَّةِ، وَالآخَرَانِ مِنَ الإِنْجِلِيزِيَّةِ إِلَى العَرَبِيَّةِ، هَذَا فضلاً عن الإِشْرَافِ وَالحُكْمِ عَلَى عَشَرَاتٍ مِنَ الرَّسَائِلِ الجَامِعِيَّةِ فِي مِصْرَ، وَالعَالَمِ العَرَبِيِّ، وَبَاكِسْتَانَ، وَمَالِيزْيَا..


==========
مؤلفاته وما كُتب عنه

- نحو علم للقواعد الاعتقادية الشرعية.
المسلم المعاصر (بيروت):- مج 27, ع 107.- 9 - 25 ص.


هذه الورقة مهداة إلى اسم الراحل الكريم "الشيخ الرئيس" الدكتور إبراهيم بيومي مدكور _ رحمه الله _ الذي جدد النظر العقلي الإسلامي بمفهومه الشامل، فسعدت بذلك الدراسات الكلامية".

للتحميل
هــــــــــــــــنا
-=====

البيوتات العلمية بين مصر وتونس
يا تونس الخضراء عشت منيفةً للسؤدد المكسوب فيك مراتعُ
وعلى ثراك الطهر كم خلب الربى شادٍ، وكم هز الخمائل ساجعُ
يا تونس الخضراء أمسك إن يذقْ عنتًا فحاضرك الكريم الرائعُ
هكذا ألقى عضو المجمع الشاعر العبقري عزيز أباظة – كما وصفه الشيخ الطاهر بن عاشور(1) – عينيته الحزينة في حفل تأبين فقيدنا الشيخ محمد الفاضل - عضو المجمع - كما جرت العادة، بالقاهرة عام ألف وتسع مئة وواحد وسبعين، وفيها يقول:
يا فاضل الفضلاء يا ابن عشيرةٍ زان الحجى فيها القنوت الخاشعُ
للعلم بين صدورهم حرم، وفي أفنائهم للصالحات مطالعُ
خلفت مجمعك الحزين وأنت في أعلامه العلم الأشم الفارعُ
إلى أن يقول:
لهفي على "الزيتونة العظمى" التي ثكلتك حين مكانها بك تالعُ
الأزهر المعمور توأمها وعن صحنيهما انفجر الضياء الساطعُ
بكياك بالدمع الغزير، وربما سالت بحبات القلوب مدامعُ
وكان قد جاء إلى تونس – في حفل الأربعين – وألقى همزية تلم بهذه المعاني، وبخاصة ما بين الزيتونة والأزهر:
قم كرم الزيتونة العظمى وقلْ: ليكاد يشرق في حماك حراءُ
نشروا على دنيا العروبة علمهم وصلاحهم أعلامك العلماءُ
كم "طاهر" أو "فاضل" ملؤوا الدنا علمًا تقفى خطوه الفقهاءُ
يا أخت أزهرنا الشريف سطعتما قدسين تقصر عنكما الغمّاءُ
تحميكما وتشد من أزريكما يس والفرقان والإسراءُ
أما بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسوله:
1- فقد رأيت أن تكون كلمتي – ممثلاً لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، الذي سعد بعضوية فاعلة للشيخ الفاضل، وبمشاركات مرموقة لوالده الجليل، رحمهما الله – عن البيوتات العلمية، تلك الظاهرة الإنسانية النبيلة التي يعد البيت العاشوري أحد تجلياتها البارزة على المستوى العربي والإسلامي، وهي ملحوظة أيضًا على مستوى العالم في مجالات الفن والفكر والعمل جميعًا.
وقد يكون من المناسب أن نبدأ بالإشارة إلى فكرة الكاتب المصري والعربي عباس العقاد:
إن العبقري يستصفي كل عناصر التميز وخصائص التفرد في أسرته، بحيث لا تبقى فرصة كبيرة لظهور عبقرية أخرى فيها؛ يقول: "إن العبقري يستنزف من أسرته صفوة اللباب من خلائقها الحيوية أو ملكاتها الذهنية، وقيل: إنه من أجل ذلك قلما ينجب الذرية من العباقرة أمثاله(2)"، وبعد أن يتحفظ بأنه قول لا يخلو من المبالغة، يقول: "لكنه لا يخلو كذلك من الصحة التي تؤيدها مشاهدات الواقع(3)". وعلى الرغم من مكانة هذا المفكر ورصانة فكره
للتحميل
هـــــــــــــنا
وقد أَثْرَتْ تونس الخضراء مصر المحروسة بالعديد منهم؛ يملؤون ربوعها من الشمال إلى الجنوب بركة وعلمًا
========

تجديد الفكر الإسلامي... "المفهوم والدواعي والخطوات"
د. حسن الشافعي
1 – معنى تجديد الفكر الإسلامي:
لكي يتبين المقصود بالتجديد نشير إلى مدلول هذا المصطلح: "الفكر الإسلامي"، فالفكر عمومًا: هو إعمال العقل في موضوع من الموضوعات لتعرف مقوماته وخصائصه، وما يتعلق به، أو هو - كما يقول الراغب في المفردات -: "قوة التوصل إلى المعلومات، والتفكر جولان تلك القوة بحسب نظر العقل(1)"، أو هو – كما يقول الجرجاني في التعريفات – "ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى المجهول"، أي أن الفكر يتضمن محاولة تحليلية للتوصل إلى المبادئ أو العناصر الأساسية لموضوعه ومحاولة تركيبه إبداعيًا، وهي البحث عن المطالب المجهولة أو حلول المشكلات التي يتصدى لها الفكر، ولعل هذا هو ما يقصده الكفوي أيضًا بقوله في "الكليات": "الفكر حركة النفس نحو المبادئ، والرجوع عنها إلى المطالب"(2)، ولتأكيد الجانب التحليلي في الفكر يحكي الراغب عن بعض الأدباء: الفكر مقلوب عن الفرك، لكن يستعمل الفكر في المعاني، وهو فرك الأمور وبحثها طلبًا للوصول إلى حقيقتها(3). وقريب من هذا قول ابن رشد: "من لم يعرف العقد لم يعرف الحل"، وقد ورد في الآثار: "حسن السؤال نصف العلم".
وخلاصة ذلك أن الفكر هو "حركة عقلية تثيرها مشكلة أو مشكلات معينة، تنطلق مستهدية بمبادئ أو حدود مقبولة لدى المفكر والبيئة التي يتوجه إليها بالخطاب بغية الوصول إلى حل أو حلول لتلك المشكلات(4). فلابد في الفكر من مشكلة أو سؤال يطرح على العقل، ولابد فيه من منهج أو طريقة ما للتحليل والتركيب، وهو عادة لا يخلو من مرجعية معينة أو معيار ما يتعارف عليه في البيئة العقلية للخطأ والصواب أو المقبول وغير المقبول.
ويكون الفكر إسلاميًا إذا كان ثمرة لعمل عقلي يعالج مشكلة من مشاكل المسلمين في أي عصر من العصور، مستهديًا بتقاليد العلماء المسلمين في النظر والاجتهاد العقلي، وملتزمًا بالقيم الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله، وربما يوضح ذلك قول أستاذنا الدكتور أبو ريدة: "الفكر الإسلامي هو اجتهادات مفكري الإسلام في بحث مختلف المسائل، بالاستناد إلى أصول الإسلام الكلية، بحسب ما فرضه عليهم القرآن من التفكير والنظر وطلب الحقيقة في أمور الدين والفكر والحياة"
للتحميل
هــــــــــــــنا

========


التعددية الدينية من وجهة نظر إسلامية
بحث في أعمال مؤتمر الدوحة الرابع لحوار الأديان: دور الأديان في بناء الإنسان
لعام 2006
للتحميل
هـــــــــــــــنا
====


الإمام محمد عبده وتجديد علم الكلام
د. حسن عبد اللطيف الشافعي
[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ(7)]
وبعد: فقد روى الدكتور طه حسين في حديثه عن الشيخ مصطفى عبد الرازق أنه كان يؤثر افتتاح مجالسه بفاتحة الكتاب "يذهب في ذلك مذهب الوفاء الصادق لأستاذه الإمام الذي افتتح رسالته في التوحيد نفس هذا الافتتاح"(1).
ونحن وفاءً لهؤلاء جميعًا، وللموضوع ذاته، نقدم هذه الفاتحة بين يدي الحديث عن "الشيخ محمد عبده وتجديده علم الكلام"، شاكرين لمكتبة الإسكندرية في عودتها الحميدة، الاحتفاء بالذكرى المئوية لهذا الإمام، ضمن حفاوتها المبرورة والمقدورة بقادة الفكر وأئمة الإصلاح، فنقول، وبالله التوفيق: كانت العناية "بعلم الكلام" درسًا وتدريسًا، وبالتجديد فيه منهجًا ومادةً، وأسلوبًا وغاية، مقومًا أساسيًا من مقومات "منهج الإمام في التجديد الفكري" للحياة في مصر والعالم الإسلامي بوجه عام؛ ذلك أنه كان يدرك أنه العلم الأعلى في منظومة العلوم الشرعية، وأنه الأصل الذي تقوم عليه بنية الثقافة الإسلامية؛ في شعائرها الدينية وقيمها الخلقية وآدابها الاجتماعية، وأنظمتها التطبيقية، واتجاهاتها وأذواقها الفنية، وسائر ما تمثله الحضارة الإسلامية في الفكر والتاريخ"(2). ومن ثم فهو "الفقه الأكبر" أو "أصول الدين"، كما يقول أول المؤلفين فيه الإمام أبو حنيفة (15هـ): "اعلم أن الفقه في أصول الدين أفضل من الفقه في فروع الأحكام، والفقه هو معرفة النفس ما يجوز لها من الاعتقادات والعمليات وما يجب عليها منهما، ... وما يتعلق منها بالاعتقادات، فهو الفقه الأكبر، وما يتعلق بالعمليات فهو الفقه..."(3).

للتحميل
هــــــــــــــنا
========


حركة التأويل النسوي للقرآن والدين وخطرها على البيان العربي وتراثه
أ.د. حسن الشافعي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
تمهيد:
هذه الورقة تستهدف لفت النظر وتوجيه الاهتمام - على صعيد فكري بحت – إلى حركة ثقافية وفكرية تكاد تعم العالم الإسلامي المعاصر، تعمل على تبني منهج "الهرمنيوطيقا" الغربي (Hermeneutics) وتطبيقه على القرآن الكريم، والنصوص الدينية الإسلامية بوجه عام، مع إغفال تام لأصول التفسير وقوانين التأويل في تراثنا الإسلامي العربي، للقرآن الكريم وما يتصل به من بيان نبوي في السنة الموثقة، بل لوقائع التاريخ والتجربة الحضارية الإسلامية كلها، انطلاقًا من فرض مستبق لكل نظر علمي يقضي بأن التراث الإسلامي نظرًا وعملاً كان رجوليًا منحازًا ضد المرأة، وقد آن الأوان للقطيعة الفكرية مع هذا التراث وإعادة تأويل القرآن والدين على أساس من هذا الفرض، وفي ضوء "الهرمنيوطيقا" المسيحية الغربية.
ينهض بهذه الحركة في عصرنا هذا، وبالأخص خلال النصف الثاني من القرن الماضي، طائفة من الباحثين المثقفين ثقافة غربية، تكاد تخلو من تكوين علمي أصلي رصين في إطار الثقافة الإسلامية وعلومها الشرعية، ويقيم أكثرهم في الغرب، حيث نشأوا وتعلموا واحتلوا مواقع بحثية وتعليمية في مؤسسات غربية، وبخاصة في بريطانيا والولايات المتحدة، على حين يقيم القليل منهم في بعض بلاد العالم الإسلامي بعد أن تلقوا تعليمهم في الجامعات الغربية، يبثون التوجيه الفكري ذاته، ويمارسون هذا العمل الفكري التأويلي، الذي لا يمثل تيارًا عامًا حتى الآن، ولكنه يعبر عن حركة نشطة على الصعيد الثقافي والبحثي يمكن أن تكون لها نتائجها وآثارها على حياة المجتمعات الإسلامية، وعلاقتها بتراثها الحضاري في المستقبل، ليس إلى حد القطيعة المبتغاة، ولكن إلى حد التشويش على علاقة هذه المجتمعات بتراثها الثقافي والحضاري مما قد يعوق مسيرتها نحو نهضة منشودة راشدة تضعها من جديد على درب التاريخ.

للتحميل
هــــــــــــــــنا
========


الأستاذ الدكتور حسن محمود عبد اللطيف الشافعي شيخًا
بحث عن الشيخ
للتحميل
هــــــــــــــــنا
====

الحياد البحثي - كتابات مولانا حسن الشافعي أنموذجًا
===
للتحميل
هـــــــــــــــنا

=====
عطف الألف المألوف على اللام المعطوف / لأبي الحسن علي بن محمد الديلمي ؛ تحقيق مولانا حسن الشافعي ؛ جوزيف نورمنت بل
نبذة عن الكتاب بالإنجليزية

The earliest major Islamic treatise on mystical love, this work reflects a moderate version of the ecstatic mysticism of the Sufi martyr al-Hallaj. Writing around 1000 C.E., the author summarizes the views of lexicographers, belletrists, philosophers, physicians, theologians, and mystics on love, providing much information that would otherwise have been lost. In setting forth his own opinions he relies heavily on erotic poetry with accompanying frame stories from the Umayyad and early Abbasid periods, Sufi biography, the lives of the prophets, and personal information.


About the Author

Joseph Norment Bell is professor of Arabic at the University of Bergen.

Hassan Mahmoud Abdel-Latif el-Shafei is professor of Islamic philosophy, University of Cairo, and president of the Islamic University, Islamabad.

للتحميل
http://www.archive.org/details/3atf_Alalf_206
====
الآمدي وآراؤه الكلامية لمولانا حسن الشافعي
يمكنكم تحميل الكتاب من هنا
http://ia600404.us.archive.org/29/items/islamicbooks4/amedee.pdf
=======
تطور الفكر الفلسفي في ايران -محمد إقبال ترجمة مولانا حسن الشافعي
لتحميل الكتاب من على هذا الرابط

http://www.4shared.com/document/jkEkT_WY/_____-_____.html
======

المبين فى شرح معانى الفاظ الحكماء و المتكلمين

تحقيق الدكتور حسن محمود الشافعي استاذ بكلية دار العلوم

الناشر مكتبة وهبة

الطبعة الثانية
للتحميل
http://www.archive.org/details/elmoubinfisharh
=======

N.J.Coulson – A History of Islamic Law -Arabic في تاريخ التشريع الاسلامي - كولسون؛ ترجمة مولانا الدكتور حسن الشافعي
http://www.4shared.com/document/0orn-EoN/___.html

21 نوفمبر 2011

حرية الاعتقاد الديني..مساجلات الإلحاد والإيمان منذ عصر النهضة حتى اليوم



لا تخلو بعض نصوص الكتاب من حدّة واضحة في تعاطي البعض مع الرأي الآخر المختلف. وقد تمّ اختيار النصوص التي أثارت ردود أصحاب الاعتقاد المختلف، ورُوعِي التوازن قدر الإمكان في اختيار نصوص الكتاب بين طرفي السجال ليكون بين يدي القارئ الرأيان النقيضان معاً ويلترك له وحده حقّ تقرير إلى أيّ من الجانبين يميل...

19 نوفمبر 2011

خاصّ بمكتبتنا: ثورة عقارب الساعة... نهار حسب الله (مجموعة قصص قصيرة جدّا)


ثورة عقارب الساعة .. أوّل مجموعة قصصيّة قصيرة جدّاً للقاصّ العراقي (نهار حسب الله)، تتناول المجموعة المجتمع العراقي بمزيج بين الواقع المُرّ والخيال الساخر، فضلاً عن نبذها للتطرّف الديني والمجتمعي ووقوفها على الضدّ من لغة الدّم.. وهو الأمر الذي دفع مؤلّفها للتّعبير عن ابتسامات وانفعالات نزفت حروفها على الورق لتكون رسالة تهدف للحريّة.

"لم أجد في قصصي القصيرة جدّاً سوى الهموم المتراكمة في مجتمع  ينوء بثقل الظلم.. وهو الأمر الذي حفزني على محاولة التعبير عن الانفعالات والابتسامات المرّة والعيون التي تنزف دماً لتكون رسالتي..
ما ستقرأونه.. واقع أشبه بالخيال لشعب كُتب عليه العذاب.. مثلما كُتب عليه أن يُقدّم للعالم هذه الصور المليئة بالفجيعة والدمار...".
 (من تقديم الكاتب لمجموعته)

وقد خصّنا الكاتب الفاضل بنشر مجموعته الكترونيّا لأوّل مرّة على مكتبة الشعب الكريم... فله كلّ الشكر، ودام مبدعا من أجل الفقراء والكادحين.

كلمة السرّ لتحميل الكتاب: أبو جهاد



إشكاليّات الفكر العربي المعاصر... محمّد عابد الجابري



355

إشكاليات الفكر العربي المعاصر هي جملة القضايا النظرية التي يناقشها المثقفون العرب في الوقت الحاضر، والتي تخص وضع العرب الراهن في علاقته بالماضي العربي وبالحاضر "الأوربي" الذي يفرض نفسه اليوم "حاضراً" للعالم أجمع، ويقصد من الماضي العربي حضوره في الواقع العربي المعاصر، الفكري منه والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، إن هذا يعني أن الأمر يتعلق بحالة "الانشطار" التي تطبع الواقع العربي الراهن، الفكري منه والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، والتي تجعل منه واقعاً يتنافس عليه، ويصطدم فيه ويتصارع صنفان من المعطيات، صنف موروث من ماضينا ينتمي بجملته إلى حضارة "القرون الوسطى" بتقانتها البدوية الدينية وقيمها الأخروية المثالية، وصنف وافد من حاضر غيرنا ينتمي إلى حضارة "العصر الحديث" بتقنيتها الآلية المتطورة وقيمتها الدنيوية المادية. وما يضفي الطابع الإشكالي على حالة "الانشطار" هذه هو كونها تعكس ليس صراع القديم والجديد فقط، بل صراع "الأنا" و"الآخر" أيضاً فالقديم هنا ينتمي إلى "الأنا" بينما ينتمي الجديد إلى "الآخر". والدراسات والأبحاث التي يضمها هذا الكتاب أنجزت في مناسبات مختلفة وعلى فترات متباعدة، تعالج هذا الوجه الإشكالي في قضايا الفكر العربي المعاصر: الوجه الذي يعكس التوتر والقلق اللذين يولدهما ويغذيهما في العالم العربي الراهن لشعور بمأساوية وضعية انفصامية ينتمي فيها " الأنا" إلى الماضي، بينما ينتمي فيها الحاضر إلى "الآخر" وفيه يجد "الأنا" العرب نفسه فيها تحدد بماض يريد تجاوزه وبحاضر لم يعد له، الأمر الذي يجعله يشعر بفراغ على صعيد الهوية ويعاني بالتالي القلق والتوتر، إن إشكالية الأصالة والمعاصرة، وأزمة الإبداع وإشكالية الوحدة والتقدم ومسالة النهضة في المشروع الحضاري المستقبلي، ومسألة العلاقة بين العرب والغرب من عصر التقانة، ومسألة الروحية والعصر الحاضر ومهام الفكر العربي في عالم الغد، وهي عناوين موضوعات هذا الكتاب، ليست في واقع الأمر سوى مظاهر وتجليات للواقع العربي المتشابك الأطراف المتداخل المستويات، الواقع العربي الراهن الذي يجتاز مرحلة انتقالية بطيئة الحركة متداخلة الخطى يتشابك فيها الزمان والمكان والقديم والجديد تشابكا يشوش الرؤية ويزكي نار التوتر والقلق ويضفي بالتالي على قضايا الواقع طابعا إشكاليا، طابع الوضع المأزوم.

333

18 نوفمبر 2011

الصورة والجسـد: دراسات نقديّة في الإعلام المعاصر... محمّد حسام الدين إسماعيل

"الصورة والجسـد: دراسات نقديّة في الإعلام المعاصر" لمحمّد حسام الدين إسماعيل، من تلك الكتب التي تقدّم مقاربة وصفيّة لوسائل الإعلام العربيّة، وطرق اشتغال هذه الوسائل في ظلّ العولمة وانفتاح السماوات، والمشاكل التي تعترضها، سواء المنبعثة من ذاتها، أو تلك المفروضة عليها من الخارج، بحكم تزايد مدّ انتشار المعلومات والمعطيات عبر الحدود وغيرها.
بالفصل الأوّل (الإعلام وما بعد الحداثة: صعود الصورة وسقوط الكلمة)، وهو الفصل الأساس بالكتاب، يتحدّث المؤلّف عن الحداثة باعتبارها "مرحلة تاريخيّة تأتي تالية لأحداث 1968 التي شهدتها الجامعات الأوروبيّة، والتي انطلقت من باريس كحركة سياسيّة ثقافيّة اجتماعيّة، ردّا على النمط الثقافي المهيمن آنذاك، والاصطفاف العالمي في معسكرين شرق وغرب، وما بينهما من فروقات، تصل إلى حد التضادّ التامّ. وتمتدّ هذه المرحلة حتّى سقوط جدار برلين 1989، وما تلا ذلك من سقوط للمعسكر الشرقي".
إنّها، يتابع المؤلّف، مرحلة تؤرخ لهيمنة الثقافة الرأسمالية، بنمطها الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي، وتؤرخ لطغيان صورتها على مجمل مرافق المجتمع، الاجتماعي منها، كما السياسي والثقافي، كما "الأنساق المغلقة من الثقافات الموجّهة، وحالة إنكار الأديان، ورفض العقلانيّة، وتفسير كلّ شيء من خلال القوّة".
ثمّة علاقة أساسيّة وجوهريّة بين العولمة والإعلام وما بعد الحداثة، يقول المؤلّف. وأنّ إخفاقات الحداثة التي بلغت ذروتها في القرن العشرين، "قد مهّدت لحركة ما بعد الحداثة التي كان من العلامات الفارقة على فكرها، الشكّ في الخطابات الكلّية والأنساق الأيديولوجيّة والطوباويّة والفلسفيّة الكبرى، التي تطمح إلى إعطاء معنى كوني للحياة الإنسانيّة، والبحث عن يوتوبيا جديدة تفارق اليوتوبيات الحداثيّة".
إنّ فكر حركة ما بعد الحداثة، يؤكّد المؤلّف مرّة أخرى، إنّما مرتكزه جملة قيم ومقولات، "كالاعتقاد بالنسبيّة الاجتماعيّة واستحالة امتلاك الحقيقة، والقول بالحتميّة الثقافيّة التي تؤمن بإيجابيّة الاختلافات بين البشر، وبأنّ لكلّ ثقافة حقيقتها الخاصّة، ورفض الأنساق المغلقة والمعايير العلويّة المفارقة للواقع الإنساني، وإطلاق العنان للغرائز الطبيعيّة ورفض العقلانيّة".
صحيح، يقرّ الكاتب، أنّ الصحافة المكتوبة والصورة الصحافيّة والتلفزيون والإعلانات والانترنت، قد حملت كلّ فيما يخصّها، راية التجديد والفكر المعرفي الجديد، وأسهمت "في تعدديّة الحقيقة التي تعدّت العالم الواقعي إلى عالم افتراضي معتمدة على الخيال الذي تصنعه هذه الوسائل". إلاّ أنّ دخول الإنترنت على نطاق واسع في الإعلام، قد طرح بقوّة إشكاليّة الحقيقة، "إذ لم تعد هناك حقيقة واحدة مع الانترنت، كما أنّ تقليص تكنولوجيات الواقع الافتراضي للزمان والمكان جعل الحقيقة بلا أساس مادي ومعتمدة على الخيال، وبات لكلّ فرد حقيقته الخاصّة، إذ لا يمكن لأحد أن يدّعي امتلاك الحقيقة. ورافق ذلك امتلاء الفضاءين المعلوماتي والإعلامي بمضامين تركّز على التفسير الغريزي للحياة، الأمر الذي يعني رفض العقلانيّة الحداثيّة، واتّخاذ النصّ ما بعد الحداثي شكل تجمّع عنقودي من الرموز، قابل للتأويل بأشكال مختلفة".
من جهة أخرى، يلاحظ الكاتب، أنّ ولوج عدد كبير من رجال المال والأعمال العرب لمجال الإعلام، سيّما امتلاكهم للعديد من القنوات الفضائيّة، إنّما اقتصر أداؤه على تقديم صورة نمطيّة "اكتفت بتقديم الجسد، والصورة الجميلة، من دون أيّ مشروع خاص، ورضيت بتقديم المشروع الغربي على علاّته، لتندمج هذه الآليّات في خطاب واحد، بعيدا عن الخطاب الغارق في الماضي بالنسبة للعرب والمسلمين".
ويدلّل الكاتب على ذلك عندما يعرض بالفصل الثاني (الأغاني المصوّرة العربيّة المعاصرة) لما يسمّيه بـ"الحداثة العربيّة" التي تجلّت بقوّة في هذا الجانب، مشيرا إلى أنّها إنّما "تقدّم الدليل على الفصام الثقافي الذي يحدث ليس نتيجة للعولمة، لكن بسبب الماهيّة العميقة التي تجد تجليّاتها في الأفكار الدينيّة لاسيّما تجاه المرأة".
من هنا، فإن الأغاني المصوّرة إنّما تحقّق بنظره، "إشباعا لأحلام اليقظة لدى الجماهير العربيّة المحرومة من الحبّ والحريّة الجنسيّة، والمستكينة تحت أثقال التقاليد والأعراف والشرائع، في مجتمع يعاني من العنوسة والانفجار السكاني والأزمات الاقتصاديّة".
وهو ما يؤكد عليه أكثر في الفصل الثالث من الكتاب (الاقتصاد السياسي لثقافة الصورة) حيث تحول البطولة من المكتوب إلى المرئي، وتحول الجسد الأنثوي إلى ما يشبه المعبود الأوحد، "بحيث تحول هذا الجسد إلى حامل لكل صورة جميلة للمجتمع، رغم أن الرسالة التي حملتها هذه الأجساد الجميلة لم تكن سوى رسالة تجارية ذات النزعة الاقتصادية".
إن الجسد هنا، بنظر الكاتب، إنما يلعب الدور المحوري في تقديم السلعة والترويج لها، بالتالي، فمن الطبيعي في ظل اقتصاد يعتمد على العبودية، أن يتم "تطوير وترويج صورة للعبيد تبرر مؤسسة العبودية، وتجعل من هؤلاء العبيد نخبة المجتمع الأمثل، التي يحلم بها الكل والمثل الأعلى للمجتمع".
في الفصل الرابع (التحليل الثقافي للعري) يحاول المؤلف تبيان أن ثقافات العالم والشعوب، إنما ارتبطت تاريخيا "بشيء من العري، كنوع من الثقافة العامة والحالة الطبيعية، والعادية لدى شعوب لم تعرف اللباس، ومجتمعات قدست الجسد حينا لذاته، وحينا لجماله، وللجنس والإنجاب في أحيان أخرى".
بهذه النقطة يقول الكاتب: إن "تقديم صورة الجسد الجميل بمرافقة السلعة في ترويج سلعي استهلاكي، تبدأ بالجسد وتشمل كل ما هو إنساني، وكل ما يحيط بالإنسان، بحيث اختزلت الإنسانية في شكل الجسد، وفي مفارقة غريبة بعيدة كل البعد عن كل التعاليم الدينية والفلسفات الإنسانية الاجتماعيّة".
ويخلص الكاتب بالنهاية إلى الاعتقاد بأن "المعلم المميز الذي يشكل جوهر إعلام ما بعد الحداثة، هو ارتباطه بالعولمة الاقتصادية، بتركيزه على الإنسان الجسماني الاستهلاكي، المنشغل بتحقيق متعته الشخصية خارج أية منظومات قيمية اجتماعية أو أخلاقية، وخارج أي انتماء وطني، في عملية تنميط للعالم، بحيث يصبح وحدات متشابهة، هي في جوهرها وحدات اقتصادية تم إخضاعها لقوانين العرض والطلب، كي يصبح الإنسان، إنسانا اقتصاديا جسمانيا، لا يتسم بأية خصوصية بعد إمحاء ذاكرته التاريخية، ما يفتح الحدود أمام السلع ورأس المال لتتحرك من دون قيود أو عوائق".
يحيى اليحياوي


الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم... عبد الله القصيمي

عبد الله القصيمي هو من مواليد قرية تدعى "خب الحلوة" إلى الغرب من مدينة بريدة النجديّة السعوديّة. ولد القصيمي في العام 1907، وقد عاش طفولة محرومة حيث نشأ بعيداً عن أبيه الذي غادر العائلة إلى الشارقة. إلا أنّ القصيمي نشأ مكافحاً، فرغم ظروفه الصعبة، لم يترك العلم، فسلك طريقه لتهيئ له الظروف من ثمّ الرحيل إلى القاهرة حيث التحق في العام 1927 بالجامع الأزهر الذي كان يواجه حملة واسعة من عدد من المفكرين المصريين وعلى رأسهم الشيخ رشيد رضا ومجلته "المنار". وقد شارك القصيمي في هذه الحملة عندما ردّ بعنف على مقالات نشرها الشيخ يوسف الدجوي عام 1931 في مجلة "نور الإسلام" وفيها هجوم عنيف على الآراء الوهابيّة مثل مقالته "التوسّل وجهالة الوهابيّين"، فأصدر القصيمي كتابه الأوّل وهو "البروق النجديّة في اكتساح الظلمات الدجويّة" وفيه نقض شامل لحجج الشيخ الدجوي، مما استدعى علماء الأزهر إلى فصل القصيمي من الأزهر فأصدر على أثر ذلك كتابين يهاجم فيهما الأزهر بعنف واضح هما "شيوخ الأزهر والزيادة في الإسلام" وكتاب "الفصل الحاسم بين الوهابيّين ومخالفيهم" وهو الكتاب الذي نقلّب صفحاته والذي أكسبه شعبيّة واسعة في أوساط حركة التجدّد الإسلامي. وفي عام 1936، جدّد القصيمي التزامه بالدفاع عن الدعوة الوهابيّة في كتابه "الثورة الوهابيّة"، ثمّ تابع حملته بالردّ على كتاب أصدره في سوريا العلاّمة السيد محسن الأمين بعنوان: "كشف الارتياب في اتباع محمّد بن عبد الوهاب" وذلك في مجلّدين من 1600 صفحة بعنوان "الصراع بين الوثنية والإسلام".
وبالعودة إلى كتابه "الفصل الحاسم بين الوهابيّين ومخالفيهم" الذي نسلّط عليه الضوء نجده يقول بأنّه إنّما استعمل في كتابه من الشدّة ما يعتبر غضباً لله وغيره على دينه، وإنّ ما دفعه إلى هذا النقد القارص هو تهجّم المتهجّمين على خلاصة المسلمين، ورميهم بالعظائم وتهييج المسلمين عليهم لمآرب لا تخفى على ناقد، وهو يسأل القارئ أن يكون متجرّداً عند قراءته لهذا الكتاب من الهوى والعصبيّة، ومؤثراً البرهان على المشايخ والآباء والعادات، غير ناظر إلاّ إلى الحقّ.
وبالنظر إلى محتويات الكتاب نجد بأنّ القصيمي قام أوّلاً بشرح توحيد الألوهيّة والربوبيّة وبيان الفرق بينهما ثمّ أتبع ذلك بيان الشبهات على إشراك الكافرين في الربوبيّة وجوابها، والبراهين على إيمان المشركين بالله وبأنّه خالق كلّ شيء، ثمّ الفرق بين توحيد الألوهيّة والربوبيّة وجوابها، والفرق بين التوحيدين وبرهانه، لينتقل من ثمّ إلى التحدّث عن المسائل الكبرى التي زلّت فيها مجلّة الأزهر، وإبطال التوسّل الأزهري إبطالاً إجماليّاً، ليبيّن بعد ذلك من هم الخوارج، ثم ليعرض تلك المناظرة بينه وبين الشيخ الدجوي حول علوّ الله على عرشه مقدّماً البراهين على علوّه تعالى، ومستشهداً من ثمّ بآراء طائفة من عظماء المصريّين من التوسّل، وعارضاً من ثمّ لخطاب الشيخين الدجوي والظواهري، ومتحدّثاً في النهاية عن واجب المصريّين الوطني والديني نحو الأزهر والأزهريّين (نبذة النيل والفرات).

المسيح في الإسلام... الأب ميشال الحايك

يقول ميشال الحايك في مقدّمة كتابه "المسيح في الإسلام" بأنّه ومنذ يوحنّا الدمشقي المتوفّى في منتصف الجيل الثامن إلى يومنا الحاضر تتوالى كتابات المسيحيّين عن المسيحيّة والإسلام. فكان في الشرق والغرب خاصّة، أمس واليوم، رجال اهتمّوا بالأمر، فاختلفت آثارهم على اختلاف أطوارهم وأوطانهم ونزعاتهم، فانقسموا قسمين: واحد يدافع عن الإسلام دفاعاً مغرضاً إمّا لإلحادهم واعتقادهم بأنّ الديانات نتيجة النشوء الاجتماعي، فلا فرق بينها، وأمّا اللطف غير المباشر بالمسيحيّة التي عنها مرقوا. ويضيف قائلاً بأنّ القسم الأكبر قد سقطوا في النقيض الثاني حين وصفوا الإسلام بأنّه بدعة ورسموا للنبيّ صورة مجحفة فأصبح أسطورة تناقلتها في الأجيال الوسطى ألسنة العامّة وكتابات الخاصّة. وبالمقابل يرى ميشال الحايك بأنّ المسلمين لم يتخلّفوا عن المسيحيّين في هذا المضمار فصوّروا عن النصارى أشنع صورة، إلاّ أنّ قليلون هم الذين كانوا من بين المؤلّفين مؤمنين عن غير تعسّف، بارزين بالعلم عن غير هوس، ويذكر بأنّه لا بدّ من الاعتراف بأنّ الموضوع هذا شائك وأنّ خطر الهوى الأعمى يترقّب كلّ معالج لهذه القضايا التي تلاقي لدى الكثير من المسيحيّين والمسلمين حساسيّة متوقّدة تجعل من كلّ بحث مثل هذا ضرباً من المغامرة بالسمعة والمجازفة بالذات.
ولكنّ الأمر أجلّ من أن تقف هذه الاعتبارات الشخصيّة حاجزاً دونه. ولكي لا ترتفع من هنا وهناك أصوات التناقض والشكوى فضّل ميشال الحايك قبل إقدامه على عرض ما توصّل إليه من استنتاجات علميّة في كتابه هذا المباشرة في عرض النصوص الآنفة الذكر ذاتها، فيضعها بين يدي القارئ مع ذكر مصادرها القريبة والبعيدة كلّما أمكنه ذلك. مفرداً فصلاً خاصّاً لآيات القرآن الكريم التي جاء في سياقها ذكر للمسيح عليه السلام. وأما النّصوص فمختلفة قيمتها حسب أهميّة كاتبها ووزنه ومدى تأثيرها في العالم الإسلامي، وأهمّها الأحاديث التي أجمع على صحّتها المسلمون فأقاموا لها وزناً خاصاً بجانب القرآن ودوّنها الجامعون في كتب الحديث من صحيح ومسند وسنن للبخاري ومسلم وابن ماجه وأبي داود الطيالسي والنسائي والترمذي. ويلتقي بهم ابن حنبل والهندي والقرطبي. أما ما تبقّى من المؤلفين، مؤرّخين أو مفسّرين أو صوفيّين، فقيمة كتاباتهم ترتكز على قيمتهم الفرديّة ومدى فعاليّتهم في تفكير المسلمين. فليس السمرقندي كالغزالي وابن العربي، من بين الصوفيّة، وليس الكسائي كالطبري وابن خلدون في معرفة التاريخ.
وهذه النصوص التي جمعها ميشال الحايك بين دفّتي هذا الكتاب، شاء أن يضعها في متناول المسيحيّين ليعلموا عن الإسلام غير ما تنشره الجرائد في مواسم معيّنة تعليلاً لقارئيها بأنّ بين الديانتين اتفاقاً ووحدة تامّة، مؤكّداً على أنّ هنالك فرضاً قاطعاً على عنق المسيحيّين وهو أن يُقبلوا على تفهّم الدين الإسلامي بإخلاص لمعتقد الغير وانفتاح على ما بينه وبين المسيحية من قُربي، وأن يُقبلوا بعد ذاك على إظهار حقيقة دينهم لإخوانهم المسلمين بلغة عربيّة مُبِينة، فيتكوّن من ذلك أدب مسيحي عربي يجني منه كلّ واحد، مهما كانت عقيدته، ثمار الخير والوفاق، وأنّهم دون شك واجدون عقائد وتقاليد ثابتة تؤمّن للجميع ثروة الأخوّة التي لا تعادلها غنائم الخصومات مهما عظمت (نبذة النيل والفرات).

16 نوفمبر 2011

التراث التربوي الإسلامي في خمس مخطوطات




الكتاب : رسائل في وحدة الوجود.
المؤلف : الشيخ ابراهيم بن حسن السهروزي الكردي وآخرين.
المحقق : سعيد عبد الفتاح.
الناشر : مكتبة الثقافة الدينية.
الطبعة : الأولى 2007.
الفهرسة : النسخة مفهرسة ، وترقيم صفحاتها مطابق لفهرس النسخة الورقية.

نبذة النيل والفرات:في رحاب حب الله ووجوده .. في علوم الصوفية وعلمائها المتصوفين.. هذه ستة رسائل منها الصغير ومنها الكبير حققها وقدمها فى هذا الكتاب ( سعيد عبد الفتاح) لتوضيح الفارق بين الوجود في الفلسفة وفى الصوفية. فكانت الرسالة الأولى والثانية على الترتيب "مطلع الجود بتحقيق التنزيه في وحدة الوجود" ، " جلاء النظر في بقاء التنزية مع الجلى في الصور" للشيخ الكورانى، والثالثة "رسالة في بيان وحدة الوجود" لفضل الله الهندى ، والرابعة "لطائف الجود فى مسألة وحدة الوجود" للسيد عبد الرحمن العيدروس . أما الخامسة " نفائس العرفان" للشيخ محمد وفا الشاذلى وأخيراً "رسالة عقائد الصوفية" للشيخ محمد بن بهاء الدين.

رسائل في وحدة الوجود







الكتاب : رسائل في وحدة الوجود.
المؤلف : الشيخ ابراهيم بن حسن السهروزي الكردي وآخرين.
المحقق : سعيد عبد الفتاح.
الناشر : مكتبة الثقافة الدينية.
الطبعة : الأولى 2007.
الفهرسة : النسخة مفهرسة ، وترقيم صفحاتها مطابق لفهرس النسخة الورقية.

نبذة النيل والفرات:
في رحاب حب الله ووجوده .. في علوم الصوفية وعلمائها المتصوفين.. هذه ستة رسائل منها الصغير ومنها الكبير حققها وقدمها فى هذا الكتاب ( سعيد عبد الفتاح) لتوضيح الفارق بين الوجود في الفلسفة وفى الصوفية. فكانت الرسالة الأولى والثانية على الترتيب "مطلع الجود بتحقيق التنزيه في وحدة الوجود" ، " جلاء النظر في بقاء التنزية مع الجلى في الصور" للشيخ الكورانى، والثالثة "رسالة في بيان وحدة الوجود" لفضل الله الهندى ، والرابعة "لطائف الجود فى مسألة وحدة الوجود" للسيد عبد الرحمن العيدروس . أما الخامسة " نفائس العرفان" للشيخ محمد وفا الشاذلى وأخيراً "رسالة عقائد الصوفية" للشيخ محمد بن بهاء الدين.



رابط التحميل
http://dc255.4shared.com/download/hPnNxb6h/____-_____.pdf

15 نوفمبر 2011

مباحث تأسيسيّة في اللسانيّات... عبد السلام المسدّي (ط 2010)

يجمع الناس قاطبة على أنّ ما يعرفونه أو يحسّون فيه وما يستشعرونه لا يتجلّى إلاّ من خلال اللغة، ولكنّ الشيء الهامّ هو أن نكتشف سرّ الأشياء من خلال إكتشاف أسرار اللغة وبها نكتشف كلّ الأشياء وكلّ الوجود.
يقول الكاتب: "فأنت لن تعرف شيئاً على أتمّ صورة إلاّ من خلال معرفتك لنفسك، وليكن هو من أيّ زاوية في الكون إبتداءً بأعضاء جسمك وإنتهاءً بأبعد خصائص حركة الكواكب ونظام الفلك، لكن ثق بأنّك لن تبلغ في معرفتك لنفسك مبلغاً بعيداً... إلاّ إذا خرجت بمعرفتك للّغة من طور الحقيقة الذاتيّة إلى طور الحقيقة العلميّة بوصفها ظاهرة لها كلّ مميّزات الوجود الموضوعي الذي لا ينغلق منه شيء على سؤال العقل... ثق أنّ المعرفة العلميّة للكلام البشري هو المفتاح الذهبي لكلّ أصناف المعارف بلا استثناء. من هنا تأتي أهميّة علم اللسانيّات لما لها من فضل السبق في المخاض الفكري والثقافي والمعرفي الواسع فقد غدت جسراً أمام بقيّة العلوم الإنسانيّة يعتليه الجميع بقصد إكتساب القدر الأقصى من الموضوعيّة والصراحة". 
وهذا ما يؤكّده الفيلسوف الإناسي "كلود ليفي ستروس" حين نشر سنة 1958 مصنفّه "الإناسة البنيويّة" بقوله: "تحتلّ اللسانيّات بين كلّ العلوم الإجتماعيّة التي هي منتمية إليها دون أيّ مجادلة منزلة إستثنائيّة، فاللسانيّات ليست علماً إجتماعيّاً مثل سائر العلوم ولكنّها العلم الإجتماعي الذي أنجز أعظم ضروب التقدّم بما لا نظير له، وهي وحدها قادرة اليوم أن تدّعي بجدارة صفة العلم لأنّها الوحيدة التي توصّلت إلى صياغة منهج إيجابي به تكشف طبيعة ما تتناوله بالدّرس.
ويؤكّد الفكرة عينها الدكتور عبد السلام المسدّي في كتابه هذا حيث يقول: "إنّ اللسانيّات تأصيل المناهج وتنظير طرق إخصابها فحسب لكن أيضاً من حيث أنّها تعكف على دراسة اللّسان فتتّخذ اللّغة مادّة لها وموضوعاً... يضمّ هذا الكتاب أربعة مقدّمات وعشرة فصول نذكرها لأهميّتها.
مقدّمات وهي أربع: اللّغة والمعرفة العلميّة، اللسانيّات وفلسفة المعرفة، المعرفة اللغويّة والتراث الإنساني، اللسانيّات والتراث العربي. الفصل الأول: في خطاب العلم، المعرفة الموضوعة واللغة المحمولة. الفصل الثاني: في العلوم ومصطلحاتها، اللّغة وآليّة المعرفة. الفصل الثالث: في التوليد اللّغوي، خصائص اللّسان العربي. الفصل الرابع: في علم المصطلح، قانون التجريد الإصطلاحي. الفصل الخامس: في موضوع العلم، حدّ اللّغة بين المعيار والإستعمال. الفصل السادس: في بنية العلم، الأنساق الدلاليّة. الفصل السابع: في حدّ العلم: مقوّمات الحدث اللّغوي. الفصل الثامن: في مادّة العلم، مراتب الظّاهرة اللغويّة. الفصل التاسع: في منهج العلم، من الزمانيّة إلى الآنيّة. الفصل العاشر: في توظيف العلم، اللسانيّات وتعليم اللّغات.
وأخيراً خاتمة يحضّ فيها المؤلّف على وجوب توفير الثقافة اللسانيّة في جامعتنا العربيّة ومؤسّساتنا العلميّة. أي أن تتحوّل هذه الظاهرة العلميّة إلى معطى ثقافي وواقع معرفي يتقاسمه المتطلّعون فكريّاً مهمّا تباينت شرائح الإنتماء لديهم إختصاصاً وثقافة.

كلمة السرّ لتحميل الكتاب: أبو جهاد


14 نوفمبر 2011

العرب بعيون يابانية... نوبوأكي نوتوهارا

قضى مؤلف هذا الكتاب، الباحث الياباني "نوبوأكي نوتوهارا"، أربعين سنة في دراسة اللغة العربية وأدبها ومجتمعات أبنائها. أثناء هذه الفترة، زار هذا الباحث عددا ً من البلاد العربية وعاش بين فئاتها المختلفة. كان دليله اثناء زياراته الأدب العربي الذي تخصص فيه وقضى معه الكثير من وقته كباحث ومترجم. وقد قام في هذا الكاتب بمهمة شاقة، هي صياغة ما توصل إليه من قناعات حول العرب ووضعهم الحالي المتأزم. وهذا الكتاب يشكل فرصة ممتازة لنا نحن العرب لنرى أنفسنا بشكل أفضل من خلال عيني الآخر.
نسخة واحدة 
"الناس في شوارع المدن العربية غير سعداء، ويعبر صمتهم عن صرخة تخبر عن نفسها بوضوح".. نوبواكي يعيد هذا الشعور إلى غياب العدالة الاجتماعية، وهذا ما يؤدي في نظره إلى الفوضى. كما أنه يلاحظ كثرة استعمال العرب لكلمة ديموقراطية، وهذا لا يعبر سوى عن شيء واحد، ألا وهو القمع وغياب الديموقراطية. ولهذا القمع وجوه عدة: منع الكتب، غياب حرية الرأي وحرية الكلام وتفشي ظاهرة سجناء الرأي . ويشير نوتوهارا، أن العالم العربي ينشغل بفكرة النمط الواحد، على غرار الحاكم الواحد. لذلك يحاول الناس أن يوحدوا أشكال ملابسهم وبيوتهم وآرائهم. وتحت هذه الظروف تذوب استقلالية الفرد وخصوصيته واختلافه عن الآخرين.
يغيب مفهوم المواطن الفرد وتحل محله فكرة الجماعة المتشابهة المطيعة للنظام السائد. وعندما تغيب استقلالية الفرد وقيمته كانسان يغيب أيضا الوعي بالمسؤولية: عن الممتلكات العامة مثل الحدائق أو الشوارع أو مناهل المياه ووسائل النقل الحكومية والغابات (باختصار كل ما هو عام) والتي تتعرض للنهب والتحطيم عند كل مناسبة
السجن الخفي 
ويجد نوتوهارا أن الناس هنا لا يكترثون أو يشعرون بأي مسؤولية تجاه السجناء السياسيين، الأفراد الشجعان الذين ضحوا من اجل الشعب، ويتصرفون مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية وعلى أسرة السجين وحدها أن تواجه أعباءها. وفي هذا برأيه اخطر مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية. يعطي مثلا عن زياراته الخمس لمدينة "تدمر" بسوريا دون أن يعرف أن فيها سجنا مشهورا، وهو حتى الآن لا يعرف موقع هذا السجن بسبب الخوف الذي يحيط به بالطبع
فعند السؤال عن سجن ما يخاف الشخص ويهرب، كأن الأمر يتعلق بسؤال عن ممنوع أو محرم. الخوف يمنع المواطن العادي من كشف حقائق حياته الملموسة. وهكذا تضيع الحقيقة وتذهب إلى المقابر مع أصحابها. الناس في العالم العربي "يعيشون فقط" بسبب خيبة آمالهم وبسبب الإحساس باللاجدوى أو اليأس الكامل، وعدم الأيمان بفائدة أي عمل سياسي
كيف نأخذ خبراتنا؟
في العالم العربي يستنتج الشخص أفكاره من خارجه، بينما في اليابان يستنتج الناس أفكارهم من الوقائع الملموسة التي يعيشونها كل يوم، وهو يتابع: في مجتمع مثل مجتمعنا نضيف حقائق جديدة، بينما يكتفي العالم العربي باستعادة الحقائق التي كان قد اكتشفها في الماضي البعيد. والأفراد العرب الذين يتعاملون مع الوقائع والحقائق الجديدة يظلون أفرادا فقط ولا يشكلون تيارا اجتماعياً يؤثر في حياة الناس.
يشير هنا إلى التجربة اليابانية التي عرفت أيضا سيطرة العسكر على الإمبراطور والشعب وقيادتهم البلاد إلى حروب مجنونة ضد الدول المجاورة انتهت إلى تدمير اليابان. وتعلم الشعب الياباني أن القمع يؤدي إلى تدمير الثروة الوطنية ويقتل الأبرياء ويؤدي إلى انحراف السلطة.
"لكن اليابانيين وعوا أخطاءهم وعملوا على تصحيحها وتطلب ذلك سنوات طويلة وتضحيات كبيرة، وعوا أن عليهم القيام بالنقد الذاتي قبل كل شيء وبقوة. الإنسان بحاجة إلى النقد من الخارج ومن الداخل مهما كان موقفه أو وظيفته الاجتماعية أو الهيئة التي ينتمي إليها، إن غياب النقد يؤدي إلى الانحطاط حتى الحضيض". 
علاقتنا بالأمريكان 
"كثيرا ما ووجهت بهذا السؤال في العالم العربي: لقد ضربتكم الولايات المتحدة الأمريكية بالقنابل الذرية فلماذا تتعاملون معها؟ ينتظر العرب موقفا عدائيا عميقا من اليابانيين تجاه الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن طرح المسألة على هذا النحو لا يؤدي إلى شيء، علينا نحن اليابانيين أن نعي أخطاءنا من الحرب العالمية الثانية أو لا ثم أن نصحح هذه الأخطاء ثانيا
"وأخيرا علينا أن نتخلص من الأسباب التي أدت إلى القمع في اليابان وخارجها. إذن المشكلة ليست في أن نكره أميركا أو لا، المشكلة في أن نعرف دورنا بصورة صحيحة ثم أن نمارس نقدا ذاتيا من دون مجاملة لأنفسنا. أما المشاعر وحدها فهي مسألة شخصية محدودة لا تصنع مستقبلاً. في اليابان، بعد الحرب العالمية الثانية، "مد الياباني يده إلى الأمريكي يطلب مادة متوافرة عند الآخر . وقتئذ كان شعورنا غير واضح، فمن جهة لم يكن عارا علينا أن نأخذ ممن يملكون ولكن من جهة ثانية، لم تكفّ نفوسنا عن الاضطراب والتوتر الداخلي، والشعور بالحرج، عرفنا معنى أن لا نملك ومعنى الصدام بين ثقافتين أو الاحتكاك بينهما". 

يوسف إدريس مثلاً
يشير المؤلف إلى الكاتب المصري يوسف إدريس الذي تعرف على المجتمع الياباني وكان يتساءل دائما عن سر نهضة اليابان وتحولها من بلد صغير معزول إلى قوة صناعية واقتصادية، إلى أن حدث مرة أن راقب عاملا فيما هو عائد إلى فندقه في منتصف الليل يعمل وحيدا وعندما راقبه وجده يعمل بجد ومثابرة من دون مراقبة من أحد وكأنه يعمل على شيء يملكه هو نفسه. عندئذ عرف سر نهضة اليابان، إنه الشعور بالمسؤولية النابعة من الداخل من دون رقابة ولا قسر. إنه الضمير إن كان مصدره دينيا أو أخلاقيا. وعندما يتصرف شعب بكامله على هذه الشاكلة عندها يمكنه أن يحقق ما حققته اليابان. ومن الأمور التي لفتت نظره في مجتمعاتنا، شيوع القاذورات في الشوارع، مع أننا نعد أنفسنا من أنظف شعوب العالم ونتباهى أن صلاتنا تدعونا للنظافة! فهل يقتصر مفهوم النظافة على الشخص والمنزل فقط؟ لقد دهش نوتوهارا مرة عندما زار منزل صديق له في منطقة تعاني من سوء نظافة شديد كيف أن الشقة كانت كأنها تنتمي إلى عالم آخر. الناس هنا لا تحافظ على كل ما هو ملكية عامة، وكأن الفرد ينتقم من السلطة القمعية بتدمير ممتلكات وطنه بالذات.
الباشا الموظف 
ومن المشاكل التي نعاني منها، ويشير إليها نوتوهارا ما يسميه الموظف المتكبر يكتب: "يواجه الياباني في المطار الشعور بالإهانة أمام طريقة تعامل الموظفين مع المسافرين وإيقافهم في طوابير عشوائية وتفضيلهم السماح لبعض الشخصيات المهمة بالمرور أمام نظر جميع المسافرين".
وهذا الأمر لا يواجه الياباني فقط بل يواجهه كل مواطن عربي غير مدعوم بواسطة أو معرفة موظف ما. كذلك يندهش الأجنبي من مسألة الغش المتفشية في بلادنا، ويشير إلى غش موظفة مصرف تعرّض له في تبديل العملة، فهو لم يفكر بعدّ النقود بعدما استلمها واستغرب أن تسرقه وهي كانت لطيفة معه ومبتسمة!!
مرة طلب منه موظف مبلغا من المال في مطار عربي، فأعطاه إياه معتقدا انه رسم، لكن نقاش زميل للموظف وتوبيخه له جعله يعتقد أن في الأمر سوء استخدام وظيفة. لكن بعد ذلك ترك الموظف زميله ومشى دون أن يفعل أي شيء.
انه الصمت المتواطئ (لا دخل لي) الذي يؤدي إلى غياب أي رقابة وإطلاق الحرية للفاسدين. لذا لا نندهش عندما يسرد لنا كيف عرض عليه موظف متحف شراء قطع آثار قديمة. لكنه كياباني لم يستطع أن يصدق كيف أن موظفا اختاره وطنه ليحرس آثاره يخونه ويخون شرفه وتاريخه ويبيع آثارا تركها أجداده منذ آلاف السنين
الحاكم الأبدي 
ويروي على لسان صديق له ياباني وله وجه مبتسم كيف انه لما مر أمام منزل مسئول صفعه الحارس ظنا منه انه ربما يضحك عليه. موظف السفارة اليابانية قال له: "اشكر ربك انه اكتفى بصفعك"..! 
يرى في ذلك تواطؤاً غير مبرر ولا يليق ببعثة أجنبية. وأكثر ما يثير دهشة كاتبنا الياباني اعتياده على أن رئيس الوزراء الياباني يتغير كل سنتين لمنع أي شكل من أشكال الاستبداد، فالحكم الطويل يعلم الحاكم القمع، بينما في البلاد العربية يظل الحاكم مدى الحياة! الحاكم العربي يتمتع بامتيازات ما قبل العصور الحديثة واستثناءاتها

ومهما كان الفرد استثنائيا فان مهمات قيادة الدولة أوسع من أي فرد استثنائي. فالحاكم عنده مهمة اكبر من الإنسان العادي بينما قدرته محدودة. الفرد الذي يفشل في تحمل مسؤوليته يغير ويحاسب. والحاكم مثل أي مواطن آخر، فهناك مساواة فعلية أمام القانون ويعطي مثال سجن رئيس وزراء ياباني واعتقاله كأي مواطن ياباني عندما اكتشف ضلوعه في فضيحة لوكهيد. لا شيء يحمي الفرد إذا كان مذنبا. ومع ذلك نجد أن ابنته الآن عضو بارزة في البرلمان، مما يعني انه لم يحل ذنب والدها في وصولها بكفايتها إلى ما هي عليه.
إن أكثر ما أثار دهشته كيف أن الحاكم العربي يخاطب مواطنيه: بيا أبنائي وبناتي! الأمر الذي يعطيه صفة القداسة وواجب طاعته. وهو بهذا يضع نفسه فوق الشعب وفوق النظـام والقانون، ويحل محل الأب ويتخذ صفة العظمة. ربما يدعونا ذلك لتأمل أنفسنا ونقوم بنقدها على نحو جذري كي نعرف مكامن الخلل في قيمنا وسلوكنا ونظامنا التربوي ولكي نحاول اللحاق بمتطلبات عصر لن يقف منتظرا أن نتجهز لدخوله.
لكن هل حقاً وصفنا كما نحن؟